عبد الله بن عمر وهو بالحيرة إلى الكوفة فنادوا: يا آل ربيعة.
فاجتمعت ربيعة وتنمروا وبلغ الخبر عبد الله بن عمر فأرسل إليهم أخاه عاصما فأتاهم وهم بدير هند فألقى نفسه بينهم، وقال: هذه يدي لكم فاحكموا.
فاستحيوا ورجعوا وعظموا عاصما وشكروه.
فلما كان المساء أرسل عبد الله بن عمر إلى عمر بن الغضبان القبعثري بمائة ألف، فقسمها في قومه بني همام بن مرة بن ذهل الشيباني، وإلى ثمامة بن خوشب بمائة ألف فقسمها في قومه، وأرسل إلى جعفر بن نافع بمال وإلى عثمان بن الخيبري بمال، فلما رأت الشيعة ضعف عبد الله بن عمر طمعوا فيه ودعوا إلى عبد الله بن معاوية واجتمعوا في المسجد وثاروا، وأتوا عبد الله بن معاوية وأخرجوه من داره وأدخلوه القصر، ومنعه عاصم بن عمر عن القصر فلحق بأخيه بالحيرة.
وجاء ابن معاوية الكوفيون فبايعوه فيهم: عمر بن الغضبان، ومنصور بن جمهور، وإسماعيل بن عبد الله القسري أخو خالد، وأقام أياما يبايعه الناس، وأتته البيعة من المدائن وفم النيل، واجتمع إليه الناس فخرج إلى عبد الله بن عمر بالحيرة فقيل لابن عمر: قد أقبل ابن معاوية في الخلق.
فأطرق مليا، وأتاه رئيس خبازيه فأعلمه بإدراك الطعام، فأمر بإحضاره فأحضره فأكل هو ومن معه وهو غير مكترث، والناس يتوقعون أن يهجم عليهم ابن معاوية، وفرغ من طعامه وأخرج المال ففرقه في قواده، ثم دعا مولى له كان يتبرك به ويتفأل باسمه، كان اسمه إما: ميمونا، وإما: رباحا، أو: فتحا، أو اسما يتبرك به، فأعطاه اللواء وقال له: امض به إلى موضع كذا فأركزه، وادع أصحابك وأقم حتى آتيك، ففعل.
خرج عبد الله فإذا الأرض بيضاء من أصحاب ابن معاوية، فأمر ابن عمر مناديا فنادى: من جاء برأس فله خمسمائة، فأتي برؤوس كثيرة وهو يعطي ما ضمن، وبرز رجل من أهل الشام فبرز إليه القاسم بن عبد الغفار العجلي، فسأله الشامي فعرفه فقال: قد ظننت أنه لا يخرج إلي رجل من بكر بن وائل، والله ما أريد قتالك ولكن أحببت أن ألقي إليك حديثا أخبرك أنه ليس معكم رجل من أهل اليمن لا إسماعيل ولا منصور ولا غيرهما إلا وقد كاتب ابن عمر وكاتبته مضر، وما أرى لكم يا ربيعة كتابا ولا رسولا وأنا رجل من قيس، فإن أردتم الكتاب أبلغته ونحن غدا بإزائكم