شرطة الحكم بن الصلت في خيله من جهينة عند دار الزبير بن حكيمة في الطريق الخارج إلى مسجد بني عدي، فقال نصر بن خزيمة: يا منصور أمت.
فلم يرد عليه شيئا، فحمل عليه نصر وأصحابه فقتل عمرو بن عبد الرحمن وانهزم من كان معه، وأقبل نصر إلى زيد، فالتقى معه في جبانة الصائدين، وفيها خمسمائة من أهل الشام فحمل عليهم زيد فيمن معه فهزمهم، وتحت زيد برذون بهيم اشتراه رجل من بني نهد بن كهمس بن مروان النجاري بخمسة وعشرين دينارا ثم صار بعد زيد إلى الحكم بن الصلت، وانتهى زيد إلى باب رجل من الأزد يقال له:
أنس بن عمرو، وكان ممن بايعه، فناداه زيد: يا أنس اخرج إلي رحمك الله فقد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.
فلم يخرج إليه، فقال زيد: ما أخلفكم فقد فعلتموها الله حسيبكم.
ومضى زيد حتى انتهى إلى الكناسة، وكان بها جماعة من أهل الشام، فحمل عليهم وهزمهم ثم خرج حتى أتى الجبانة، وكانت فيما بين الحيرة والكوفة، ويوسف بن عمر على تل قريب من الحيرة معه من قريش وأشراف الناس نحو مائتي رجل، فيهم حزام بن مرة المزني وزمزم بن سليم الثعلبي، ولو أقبل على يوسف لقتله، وكان الريان بن سلمة يتبع أثر زيد في أهل الشام فمانعه عن التوجه نحو يوسف بن عمر، فأخذ زيد على مصلى خالد بن عبد الله القسري حتى دخل الكوفة وقد انشعب أصحابه لما قصد الجبانة، فذهب بعضهم نحو جبانة مخنف بن سليم ثم تراجعوا إلى جبانة كندة، وبينا هم يسيرون إذ طلعت عليهم خيل أصحاب يوسف بن عمر فلما رأوهم دخلوا زقاقا ونجوا منهم إلا رجلا دخل مسجدا يصلي فيه ركعتين، وبعد أن فرغ خرج إلى أصحاب يوسف وقاتلهم فتكاثروا عليه وصرعوه وحمل عليه رجل بعمود فقتله، وخرج أولئك النفر الذين دخلوا الزقاق وقاتلوا أصحاب يوسف بن عمر فاقتطع أهل الشام منهم رجلا دخل دار عبد الله بن عوف فهجموا عليه وأسروه وأتوه به إلى يوسف بن عمر فقتله.
ولما دخل زيد الكوفة أشار عليه نصر بن خزيمة بالتوجه نحو المسجد الأعظم لاجتماع الناس فيه.
فقال له زيد: إنهم فعلوها حسينية.
فقال نصر: أما أنا فأضربن معك بسيفي هذا حتى أقتل.