واشتد القتال فيها، فكانت الدبرة (1) على أصحاب يوسف بن عمر، وتبعهم زيد بمن معه حتى أخرجهم إلى بني سليم وطاردهم في خيله ورجاله فأخذوا طريق المسناة، ثم ظهر لهم فيما بين بارق ورؤاس (2) فقاتلهم، وصاحب لوائه عبد الصمد ابن أبي مالك بن مسروح من بني سعد بن زيد حليف العباس بن عبد المطلب، وكان مسروح السعدي متزوجا صفية بنت العباس بن عبد المطلب، وتمثل زيد يوم السبخة بأبيات ضرار بن الخطاب الفهري التي قالها يوم الخندق (3):
مهلا بني عمنا ظلامتنا * إن بنا سورة من القلق لمثلكم نحمل السيوف ولا * نغمز أحسابنا من الرقق إني لأنمى إذا انتميت * إلى عز عزيز ومعشر صدق بيض سباط كأن أعينهم * تكحل يوم الهياج بالعلق.
وفي حديث محمد بن فرات الكوفي: كان الناس ينظرون إلى زيد يقاتل يوم السبخة وعلى رأسه سحابة صفراء تدور معه حيثما دار (4).
وبينا زيد يقاتل أصحاب يوسف بن عمر، إذ انفصل رجل من كلب على فرس له رائع وصار بالقرب من زيد، فشتم الزهراء فاطمة (عليها السلام)، فغضب زيد وبكى حتى ابتلت لحيته والتفت إلى من معه وقال: أما أحد يغضب لفاطمة، أما أحد يغضب لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، أما أحد يغضب لله؟
قال سعيد بن خيثم: أتيت إلى مولى لي كان معه مشمل (5) فأخذته منه وتسترت خلف النظارة والناس يومئذ فرقتان مقاتلة ونظارة، ثم صرت وراء الكلبي وقد تحول من فرسه وركب بغلة، فضربته في عنقه فوقع رأسه بين يدي البغلة، وشد أصحابه علي وكادوا يرهقونني، فلما رأى أصحابنا ذلك كبروا وحملوا عليهم واستنقذوني، فركبت البغلة وأتيت زيدا فقبل بين عيني وقال: أدركت والله