من أخرجته النية، فلا تنتظر أحدا وجد في أمرك.
قال: نعم ما رأيت.
ثم قام سليمان في أصحابه فقال: أيها الناس من كان خرج يريد بخروجه وجه الله والآخرة فذلك منا ونحن منه، فرحمة الله عليه حيا وميتا، ومن كان إنما يريد الدنيا فوالله ما يأتي فيئ نأخذه وغنيمة نغنمها ما خلا رضوان الله، وما معنا من ذهب ولا فضة ولا متاع ما هو إلا سيوفنا على عواتقنا وزاد قدر البلغة، فمن كان ينوي هذا فلا يصحبنا.
فتنادى أصحابه من كل جانب: إنا لا نطلب الدنيا وليس لها خرجنا، إنما خرجنا نطلب التوبة والطلب بدم ابن بنت رسول الله نبينا (صلى الله عليه وآله).
ثم ساروا حتى انتهوا إلى قبر الحسين (عليه السلام)، فلما وصلوا صاحوا صيحة واحدة فما رؤي أكثر باكيا من ذلك اليوم، فترحموا عليه وتابوا عنده من خذلانه وترك القتال معه، وأقاموا عنده يوما وليلة يبكون ويتضرعون ويترحمون عليه وعلى أصحابه، وكان من قولهم عند ضريحه:
اللهم ارحم حسينا الشهيد ابن الشهيد، المهدي ابن المهدي، الصديق ابن الصديق، اللهم إنا نشهدك إنا على دينهم وسبيلهم وأعداء قاتليهم وأولياء محبيهم، اللهم إنا خذلنا ابن بنت نبينا (صلى الله عليه وآله) فاغفر لنا ما مضى منا وتب علينا، فارحم حسينا وأصحابه الشهداء الصديقين، وإنا نشهدك إنا على دينهم وعلى ما قتلوا عليه، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
وزادهم النظر إليه حنقا، ثم ساروا بعد أن كان الرجل يعود إلى ضريحه كالمودع له، فازدحم الناس عليه أكثر من ازدحامهم على الحجر الأسود، ثم ساروا على الأنبار حتى وصلوا إلى عين الوردة (1) وأقبل أهل الشام في عساكرهم وعلى رأسهم عبيد الله بن زياد، فوقعت هناك مقتلة عظيمة قتل فيها سليمان بن صرد وأصحابه، ولم ينج منهم غير رفاعة بن شداد ونفر يسير عادوا إلى الكوفة، وكان قتل سليمان وأصحابه في شهر ربيع الآخر.
ولما بلغ رفاعة الكوفة كان المختار محبوسا - في سجن عبد الله بن يزيد