بحقوقهم منهم وبع فيها العقار والديار، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: مطل المسلم الموسر ظلم للمسلم.
ومن لم يكن له عقار ولا دار ولا مال فلا سبيل عليه، واعلم أنه لا يحمل الناس على الحق إلا من ورعهم عن الباطل، ثم واس بين المسلمين بوجهك ومنطقك ومجلسك، حتى لا يطمع قريبك في حيفك ولا ييأس عدوك من عدلك، ورد اليمين على المدعي مع بينته، فإن ذلك أجلى للعمى وأثبت في القضاء، واعلم أن المسلمين عدول بعضهم على بعض إلا مجلود في حد لم يتب منه، أو معروف بشهادة زور، أو ظنين، وإياك والتضجر والتأذي في مجلس القضاء الذي أوجب الله فيه الأجر، ويحسن فيه الذخر لمن قضى بالحق، واعلم أن الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما، واجعل لمن ادعى شهودا غيبا أمدا بينهما، فإن أحضرهم أخذت له بحقه، وإن لم يحضرهم أوجبت عليه القضية، وإياك أن تنفذ قضية في قصاص أو حد من حدود الله أو حق من حقوق المسلمين، حتى تعرض ذلك علي إن شاء الله، ولا تقعد في مجلس القضاء حتى تطعم» (1).
هذه الكلمات الذهبية، وجوامع الكلم التي علمها الإمام علي (عليه السلام) لشريح القاضي، هي مجموعة صالحة من قوانين إسلامية، يدور عليها أكثر أحكام القضاء بأوجز الكلام وأبلغه.
وقد قال (عليه السلام) يوما لعمر بن الخطاب: «ثلاث إن حفظتهن وعملت بهن كفتك ما سواهن، وإن تركتهن لم ينفعك شيء سواهن».
قال عمر: وما هن يا أبا الحسن؟
قال: «إقامة الحدود على القريب والبعيد، والحكم بكتاب الله في الرضا والسخط، والقسم بالعدل بين الأحمر والأسود».
قال عمر: لعمري لقد أوجزت وأبلغت (2).