فخمدوا، وقعدنا نأتم بيننا، فيروز ودوادويه وقيس، كيف نخبر أشياعنا، فاجتمعنا على النداء.
فلما طلع الفجر نادينا بشعارنا الذي بيننا وبين أصحابنا، ففزع المسلمون والكافرون، ثم نادينا بالأذان فقلت: أشهد أن محمد رسول الله وأن عيهلة كذاب! وألقينا إليهم رأسه، وأحاط بنا أصحابه وحرسه وشنوا الغارة وأخذوا صبيانا كثيرة وانتبهوا. فنادينا أهل صنعاء من عنده منهم فأمكه، ففعلوا. فلما خرج أصحابه فقدوا سبعين رجلا، فراسلونا وأرسلناهم على أن يتركوا لنا ما في أيديهم ونترك ما في أيدينا، ففعلنا، ولم يظفروا منا بشئ، وترددوا ما بين صنعاء ونجران. وتراجع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أعمالهم، وكان يصلي بنا معاذ بن جبل، وركبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بخبره، وذلك في حياته.
وأتاه الخبر من ليلته، وقدمت رسلنا، وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجابنا أبو بكر. قال ابن عمر: أتي الخبر من السماء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، في ليلته التي قتل فيها، فقال: قتل العنسي، قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين، قيل:
من قتله؟ قال: قتله فيروز.
قيل: كان أول أمر العنسي إلى آخره ثلاثة أشهر، وقيل قريب من أربعة أشهر، وكان قدوم البشير بقتله في آخر ربيع الأول بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أول بشارة أتت أبا بكر وهو بالمدينة.
قال فيروز: لما قتلنا الأسود عاد أمرنا كما كان وأرسلنا إلى معاذ بن جبل فصلى بنا ونحن راجون مؤمنون لم يبق شئ نكرهه إلا تلك الخيول من أصحاب الأسود فأتى موت النبي صلى الله عليه وسلم، فانتقضت الأمور واضطربت الأرض (1).