خلاها ثم قل: أحق ما بلغني عنك يا فيروز؟ - وبوأ له لحرية - لقد هممت أن أنحرك. فقال اخترتنا لصهرك وفضلته فلو لم تكن نبيا لما بعنا نصيبك منك بشئ فكيف وقد اجتمع لنا بك أمر الدنيا والآخرة! فقال له: أقسم هذه، فقسمها، ولحق به وهو يسمع سعاية رجل بفيروز وهو يقول له: أنا قاتله غدا وأصحابه، ثم التفت فإذا فيروز فأخبره بقسمتها، ودخل الأسود ورجع فيروز فأخبرنا الخبر، فأرسلنا إلى قيس فجاءنا.
فاجتمعنا على أن أعود إلى المرأة فأخبرها بعزيمتها ونأخذ رأيها، فأتيتها فأخبرتها فقالت: هو متحرز وليس من القصر شئ إلا والحرس محيطون به غير هذا البيت فإن ظهره إلى مكان كذا وكذا، فإذا أمسيتم فانقلبوا عليه فإنكم من دون الحرس وليس دون قتله شئ، وستجدون فيه سراجا وسلاحا.
فتلقاني الأسود خارجا من بعض منازله فقال: ما أدخلك علي؟ ووجأ رأسي حتى سقطت، وكان شديدا، فصاحت المرأة فأدهشته، وقالت: جاءني ابن عمي زائرا ففعلت به هذا؟ فتركني، فأتيت أصحابي فقلت: النجاء!
الهرب! وأخبرتهم الخبر.
فإنا على ذلك حيارى إذ جاءنا رسولهم يقول: لا تدعن ما فارقك منها - فعمل، فلما أخبرته قال: ننقب على بيوت مبطنة، فدخل فاقتلع البطانة وجلس عندها كالزائر، فدخل عليها الأسود فأخذته غيره، فأخبرته برضاع وقرابة منها عنده محرم، فأخرجه، فلما أمسينا عملنا في أمرنا أعلمنا أشياعنا وعجلنا عن مراسلة الهمدانيين والحميريين فنقبنا البيت ودخلنا، وفيه سراج تحت جفنة، واتقينا بفيروز كان أشدنا، فقلت: انظر ماذا ترى، فخرج ونحن بينه وبين الحرس. فلما دنا من باب البيت سمع غطيطا شديدا والمرأة قاعدة، فلما قام على باب البيت أجلسه الشيطان وتكلم على لسانه وقال: ما لي ولك يا فيروز! فخشي إن رجع أن يهلك وتهلك المرأة فعاجله وخالطه وهو مثل الجمل فأخذ برأسه فقتله ودق عنقه وضع ركبته في ظهره فدقه ثم قام ليخرج فأخذت المرأة بثوبه وهي تراه أنه لم يقتله فقال: قد قتلته وأرحتك منه، وخرج فأخبرنا، فدخلنا معه، فخار كما يخور الثور، فقطعت رأسه بالشفرة، وابتدر الحرس المقصورة يقولون: ما هذا؟ فقالت المرأة: النبي يوحي إليه!