بهم إلى المدينة ولم يصرع مسلم. وظن الكفار بالمسلمين الوهن، وبعثوا إلى أهل ذي القصة بالخبر، فقدموا عليهم، وبات أبو بكر يعبي الناس، وخرج على تعبية يمشي وعلي ميمنته النعمان بن مقرن وعلى مسيرته عبد الله بن مقرن وعلى أهل الساقة سويد ابن مقرن. فما طلع الفجر إلا وهم العدو على صعيد واحد، فما شعروا بالمسلمين حتى وضعوا فيهم السيوف، فما ذر قرن الشمس حتى ولوهم الأدبار وغلبوهم على عامة ظهرهم وقتل رجال، واتبعهم أبو بكر حتى نزل بذي القصة، وكان أول الفتح، ووضع بها النعمان بن مقرن في عدد، ورجع إلى المدينة، فذل له المشركون. فوثب بنو عبس وذبيان على من فيهم من المسلمين فقتلوهم، فحلف أبو بكر ليقتلن في المشركين بمن قتلوا من المسلمين وزيادة، وازداد المسلمون قوة وثباتا.
وطرقت المدينة صدقات نفر كانوا على صدقة الناس، بهم صفوان والزبرقان بن بدر وعدي بن حاتم، وذلك لتمام ستين يوما من مخرج أسامة، وقدم أسامة بعد ذلك بأيام، وقيل: كانت غزوته وعوده في أربعين يوما. فلما قدم أسامة استخلفه أبو بكر المدينة وجنده معه ليستريحوا ويريحوا ظهرهم، ثم خرج فيمن كان معه، فناشده المسلمون ليقيم، فأبي وقل: لأواسينكم بنفسي.
وسار إلى ذي حسي وذي القصة حتى نزل بالأبراق فقاتل من به، فهزم الله المشركين وأخذ الخطبة أسيرا، فطارت عبس وبنو بكر، وأقام أبو بكر بالأبراق أياما، وغلب على بني ذيبان وبلادهم وحماها لدواب المسلمين وصدقاتهم.
ولما انهزمت عبس وذبيان رجعوا إلى طليحة وهو بزاخة، وكان رحل من سميراء إليها، فأقام عليها، وعاد أبو بكر إلى المدينة. فلما استراح أسامة وجنده، وكان قد جاءهم صدقات كثيرة تفضل عليهم، قطع أبو بكر البعوث وعقد الألوية، فعقد أحد عشر لواء، عقد لواء لخالد بن الوليد وأمره بطليحة ابن خويلد فإذا فرغ سار إلى مالك بن نويرة بالبطاح إن قام له، وعقد لعكرمة ابن أبي أمية وأمره بجنود العنسي ومعونة الأبناء على قيس بن مكشوح، وثم يمضي إلى كندة بحضرموت، وعقد لخالد بن سعيد وبعثه إلى مشارف الشام،