وقال القاضي أبو بكر بن العربي: الأظهر من حاله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا كذب "، الباء مرفوعة، ويخفض الباء من عبد المطلب على الإضافة.
وقال النحاس عن بعضهم: إنما الرواية بالإعراب، وإذا كانت بالإعراب لم يكن شعرا، لأنه إذا فتح من الباء من البيت الأول، أو ضمها، أو نونها، وكسر الباء من البيت الثاني، خرج على وزن الشعر.
وقال بعضهم: ليس هذا الوزن من الشعر، ورد بأن أشعار العرب على هذا الوزن، قد رواها الخليل وغيره، وأما قوله - عليه السلام -:
هل أنت إلا أصبع دميت * (وفي سبيل الله ما لقيت)؟ (1) فإنه من بحر السريع، إذا كسرت التاء من دميت، فإن سكنت لم يكن شعرا، لأن ما بين الكلمتين على هذه الصفة لا يكون فعولن، ويصير فعلن، ولا مدخل لفعلن في بحر السريع.
فلعل النبي صلى الله عليه وسلم قالها ساكنة، أو متحركة التاء، من غير إشباع، وعلى تسليم أنه شعر لا يلزم منه أن يكون صلى الله عليه وسلم عالما بالشعر، ولا شاعرا، لأن التمثل بالبيت النادر وإضافة القافيتين من الرجز وغيره لا يوجب أن يكون قائل ذلك عالما بالشعر، ولا يسمى شاعرا باتفاق العقلاء، كما أن من خاط مرة لا يكون خياطا.
وقال أبو إسحاق الزجاج: معنى (وما علمناه الشعر) (2) وما علمناه أن يشعر، أي ما جعلناه شاعرا، وهذا لا يمنع أن ينشد شيئا من الشعر.
وقد قيل إنما أخبر الله - تعالى - أنه ما علمه الشعر ولم يخبر أنه لا ينشد شعرا، وقالوا مع ذلك كل من قال قولا موزونا لا يقصد به الشعر فإنه ليس بشعر، وإنما وافق الشعر، فالذي نفاه الله - تعالى - عن نبيه صلى الله عليه وسلم، إنما هو العلم بالشعر، وأصنافه، وأعاريضه، وقوافيه، والاتصاف بقوله، ولم يكن صلى الله عليه وسلم موصوفا بذلك من أحد بالاتفاق، ألا ترى أن قريشا لما تراوضت فيما تقول العرب فيه إذا قدموا عليهم في الموسم، فلما قال بعضهم: نقول: إنه