دليل، فقد تقرر في موضعه أن المقيد يقضي على المطلق، ففي الرواية الأخرى: فأمر عليا فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله، وله طرق عديدة في (الصحيحين) وغيرهما.
قال ابن دحية: وذكر عمر بن شبة في كتاب (الكتاب) له، أنه صلى الله عليه وسلم كتب يوم الحديبية بيده، ونحى في قوله إلى أنه قصر الكتاب عالما به في ذلك الوقت، ولم يعلمه قبله، وإن ذلك من معجزاته صلى الله عليه وسلم، أن تعلم الكتاب في وقته، لأن ذلك خرق للعادة.
وقال بهذا القول بعض المحدثين، منهم أبو ذر الهروي، وأبو الفتح النيسابوري، والقاضي أبو الوليد الباجي، وصنف في ذلك كتابا، وقيل: إنه صلى الله عليه وسلم كتب ذلك اليوم غير عالم بالكتابة، ولا مميز لحروفها، لكنه أخذ العلم بيده، فخط به ما لم يميزه هو فإذا هو كتاب ظاهر بين على حسب المراد.
قال: وذهب إلى ذلك القاضي أبو جعفر السمناني الأصولي، قال الباجي:
كان من أوكد معجزاته صلى الله عليه وسلم أن يكتب من غير تعلم، قال ابن دحية: وهذا كله ليس بشئ، وقد رد على الباجي فيما ذهب إليه من ذلك ابن معوذ، وسمع عليه بسبب المقالة، وتبعه كثير من فقهاء الأندلس وغيرهم بموافقته، منهم.
محمد بن إبراهيم الكناني، وأجاد فيما كتب، وبين أن ذلك لا يبطل المعجزة، واستأنس بمفهوم (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك) وحكى في أثناء ذلك عن بعض أهل الأدب أنه زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحسن الشعر ولكنه كان لا يتعاطاه، قال: وإن ذلك أتم وأكمل مما لو قلنا إنه كان لا يحسنه.
وحكى البغوي في (التهذيب) الخلاف، فقال: وقيل: كان يحسن الخط ولا يكتب، ويحسن الشعر ولا يقوله، والأصح أنه كان لا يحسنهما، ولكن كان يميز بين جيد الشعر ورديئة.
وقال القضاعي في (عيون المعارف): أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن له أن يقول شعرا، ولا أن ينقله، وألحق الماوردي بقول الشعر روايته وبالكتابة والقراءة أي في كتاب لقوله - تعالى -: (وما كنت تتلو من قبله من كتاب) قال موسعه والصواب أن الله - تعالى - إنما سأل نبيه صلى الله عليه وسلم ما فضل به ملائكته