إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ١٣ - الصفحة ٩٣
وقال الزجاج: معنى (وما ينبغي له) (1) أي ما يتسهل له.
وخرج أبو داود (2) من حديث ابن عمرو - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما أبالي ما أتيت إن أنا شربت ترياقا، أو تعلقت تميمة، أو قلت الشعر من قبل نفسي.
فلهذا قال أصحابنا: إنه كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم تعلم الشعر. قال الرافعي:
وإنما يتجه القول بتحريمهما - يعني الشعر والخط - ممن يقول: إنه كان صلى الله عليه وسلم يحسنه، وقد اختلف فيه، فقيل: يحسنهما ويمتنع منهما، والأصح أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحسنهما. قال النووي في (الروضة) (3): ولا يمتنع تحريمهما وإن لم

(١) ياسين: ٦٩.
(٢) (سنن أبي داود): ٤ / ٢٠١ - ٢٠٢، كتاب الطب، باب (١٠) في الترياق، حديث رقم (٣٨٦٩)، ثم قال أبو داود: هذا كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وقد رخص فيه قوم، يعني الترياق.
قال الشيخ: ليس شرق الترياق مكروها من أجل أن التداوي محظور، وقد أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم التداوي والعلاج في عدة أحاديث، ولكن من أجل أن يقع فيه من لحوم الأفاعي وهي محرمة. والترياق أنواع: فإذا لم يكن فيه لحوم الأفاعي فلا بأس بتناوله والله - تبارك وتعالى - أعلم.
والتميمة، يقال: إنها خرزة كانوا يتعلقونها يرون أنها تدفع عنهم الأوقات، واعتقاد هذا الرأي جهل وضلال، إذا لا مانع ولا دافع غير الله - سبحانه -، ولا يدخل في هذا التعوذ بالقرآن، والتبرك والاستشفاء به، لأنه كلام الله - سبحانه -، والاستعاذة به ترجع إلى الاستعاذة بالله - سبحانه -، ويقال: بل التميمة قلادة تعلق فيها العوذ، قال أبو ذؤيب:
وإذا المنية أنشبت أظفارها * ألفيت كل تميمة لا تنفع وقال آخر:
بلاد بها عق الشباب تميمتي * وأول أرض مس جلدي ترابها وقد قيل: إن المكروه من العوذ هو ما كان بغير لسان العرب فلا يفهم معناه، ولعله قد يكون فيه سحر أو نحوه من المحظور، والله - تبارك وتعالى - أعلم. (معالم السنن).
(٣) روضة الطالبين): ٥ / ٣٤٩، كتاب النكاح، باب في خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح وغيره، وقال في هامشه: قال في (الخادم) قال في: (البيان): ذكر النقاش أن النبي صلى الله عليه وسلم ما مات حتى كتب. قال: والأول أي عدم الكتابة هو المشهور. قال صاحب (الخادم): يشهد للنقاش ما رواه البخاري في عمرة القضاء أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح سهيل بن عمرو، فكتب علي بن أبي طالب - رضي الله تبارك وتعالى عنه - الصحيفة: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال سهيل: اكتب محمد بن عبد الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي - رضي الله تبارك وتعالى عنه -:
امحه، فقال علي: لا أمحوك أبدا، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب فكتب: هذا ما قاضى محمد بن عبد الله، وفي هذه الكتابة وجوه:
أحدها: أنه صلى الله عليه وسلم كتب وهو لا يعلم ما يكتب فانتظم مراده.
ثانيها: أنه صلى الله عليه وسلم أوحي إليه فكتبه عن علم بالكتابة.
ثالثها: أنه صلى الله عليه وسلم لكثرة كتابة اسمه بين يديه فعلم ذلك، وهذا أضعف الأوجه.
رابعها: أنه صلى الله عليه وسلم أمر من كتب ونسب الفعل إليه تجوزا، ولم يبين الشيخ هل المراد بالشعر إنشاده أو روايته أو أعم من ذلك؟ قال في (الخادم): وجعل الماوردي والروياني قول الشعر، وتعلمه، وروايته، سواء في التحريم.
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست