أجزعك؟ إنما هو خدش، فذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أقتل أبيا) ثم قال:
والذي نفسي بيده لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعين، فمات (1).
وقال موسى بن عقبة: عن ابن شهاب فيمن ذكرهم من قتلى المشركين يوم أحد. قال: وأبي بن خلف مات بمكة أو بالطريق من طعنة، طعنه إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال عبد الرزاق: عن معمر بن عثمان الجزري، عن مقسم قال معمر:
وحدثني الزهري ببعضه أن عقبة بن أبي معيط وأبي بن خلف التقيا، فقال عقبة لأبي: لا أرضى عنك حتى تأتي محمدا فتتفل في وجهه، وتشتمه وتكذبه، فلما كان يوم أحد خرج أبي بن خلف مع المشركين فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بحربة فخرج له بها فتقع في ترقوته، فخر يخور كما يخور الثور، فأقبل أصحابه حتى احتملوه وهو يخور، فقالوا ما هذا؟ فوالله ما بك إلا خدش فقال: والله لو لم يصبني إلا ريقه لقتلني أليس قد قال: أنا أقتله؟ فوالله لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لقتلهم فما لبث إلا يوما أو نحو ذلك حتى مات.
وقال الواقدي: في (مغازيه) فحدثني يونس بن محمد الظفري، عن عاصم بن عمرو، عن عبد الله بن كعب بن مالك قال: كان أبي بن خلف قدم في فداء ابنه وكان أسر يوم بدر فقال: يا محمد إن عندي فرسا لي أعلفها كل يوم فرقا من ذرة كي أقتلك عليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أنا أقتلك عليها إن شاء الله، ويقال: قال: ذلك بمكة فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمته بالمدينة فقال: أنا أقتله عليها إن شاء الله، قالوا: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال لا يلتفت وراءه، وكان يقول لأصحابه إني أخشى أن يأتي أبي بن خلف من خلفي فإذا رأيتموه فآذنوني به، فإذا بأبي يركض على فرسه وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفه، فجعل يصيح بأعلى صوته يا محمد لا نجوت إن نجوت، فقال القوم:
يا رسول الله ما كنت صانعا حين يغشاك؟ فقد جاءك، وإن شئت عطف بعضنا عليك فأبى رسول الله ودنا أبي، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، ثم انتفض بأصحابه كما ينتفض البعير، فتطايرنا عنه تطاير الشعر من