وأقبل ابن قميئة وهو يقول: دلوني على محمد، فوالذي يحلف به، لئن رأيته لأقتلنه! فعلاه السيف ورماه عتبة بن أبي وقاص مع تجليل السيف، وكان عليه صلى الله عليه وسلم درعان، فوقع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحفرة التي أمامه فجحشت ركبتاه، ولم يصنع سيف بن قميئة شيئا إلا وهن الضرب بثقل السيف، فقد وقع لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهض رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلحة يحمله من ورائه، وعلي آخذ بيديه حتى استوى قائما.
حدثني الضحاك بن عثمان عن ضمرة بن سعيد، عن أبي بشير المازني، قال: حضرت يوم أحد وأنا غلام، فرأيت ابن قميئة علا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع على ركبتيه في حفرة أمامه حتى توارى، فجعلت أصيح - وأنا غلام - حتى رأيت الناس ثابوا إليه، فأنظر إلى طلحة بن عبيد الله آخذا بحضنه حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويقال: إن الذي شج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جبهته ابن شهاب، والذي أشظى رباعيته وأدمى شفتيه عتبة بن أبي وقاص، والذي رمى وجنتيه، حتى غاب الحلق في وجنتيه ابن قميئة، وسال الدم من في شجته التي في جبهته حتى أخضل الدم لحيته صلى الله عليه وسلم.
وكان سالم مولى أبي حذيفة يغسل الدم عن وجه رسول الله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى الله - عز وجل -؟
فأنزل الله - عز وجل -: ﴿ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم﴾ (1) الآية.
وقال سعد بن أبي وقاص - رضي الله تبارك وتعالى عنه -: سمعته يقول: اشتد غضب الله على قوم أدموا وجه رسول الله، اشتد غضب الله على رجل قتله رسول الله! قال سعد: فقد شفاني من عتبة أخي دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد حرصت على قتله حرصا ما حرصته على شئ قط، وإن كان ما علمته لعاقا بالوالد سئ الخلق، ولقد تخرقت صفوف المشركين مرتين أطلب أخي لأقتله، ولك راغ مني روغان الثعلب، فلما كان الثالثة قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عبد الله ما تريد؟ تريد أن تقتل نفسك؟ فكففت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: