الأوس والخزرج حلفاؤكم، فما كنتم تريدون أن تصنعوا يوما من الدهر فمن الآن! فقال عمرو بن جحاش: أنا أظهر على البيت فأطرح عليه صخرة، قال سلام بن مشكم: يا قوم، أطيعوني هذه المرة وخالفوني الدهر! والله إن فعلتم ليخبرن بأن قد غدرنا به، وإن هذا نقض العهد الذي بيننا وبينه، فلا تفعلوا!
ألا فوالله لو فعلتم الذي تريدون ليقومن بهذا الدين منهم قائم إلى يوم القيامة، يستأصل اليهود ويظهر دينه! وقد هيأ الصخرة ليرسلها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدرها، فلما أشرف بها جاء رسول الله الخبر من السماء بما هموا به فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا كأنه يريد حاجة، وتوجه إلى المدينة، وجلس أصحابه يتحدثون وهم يظنون أنه قام يقضي حاجة.
فلما يئسوا من ذلك قال أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه -: ما مقامنا ها هنا بشئ، لقد وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر فقاموا، فقال حيي: عجل أبو القاسم قد كنا نريد أن نقضي حاجته ونغذيه، وندمت اليهود على ما صنعوا، فقال لهم كنانة بن صويراء: هل تدرون لم قام محمد؟ قالوا: لا والله، ما ندري وما تدري أنت! قال: بلى والتوراة، أني لأدري قد أخبر محمد ما هممتم به من الغدر، فلا تخدعوا أنفسكم، والله إنه لرسول الله وما قام إلا أنه أخبر بما هممتم به من الغدر، وإنه لآخر الأنبياء، كنتم تطمعون أن يكون من بني هارون فجعله الله حيث شاء وإن كتبنا والذي درسنا في التوراة التي لم يغير ولم تبدل أن مولده بمكة ودار هجرته يثرب، وصفته بعينها ما تخالف حرفا هما في كتابنا، وما يأتيكم (به) أولى من محاربته إياكم، ولكأني أنظر إليكم ظاعنين، يتضاغى صبيانكم، قد تركتم دوركم خلوفا وأموالكم، وإنما هي شرفكم، فأطيعوني في خصلتين، والثالثة لا خير فيها!.
قالوا: ما هما؟ قال: تسلمون وتدخلون مع محمد، فتأمنون على أموالكم وأولادكم، وتكونون من عليه أصحابه، وتبقى بأيديكم أموالكم، ولا تخرجوا من دياركم، قالوا: لا نفارق التوراة وعهد موسى! قال: فإنه مرسل إليكم:
اخرجوا من بلدي، فقالوا: نعم - فإنه لا يستحل لكم دما ولا مالا - وتبقى أموالكم، إن شئتم بعتم، وإن شئتم أمسكتم، قالوا: أما هذا فنعم، قال: أما والله إن الأخرى خيرهن لي، قال: أما والله لولا أني أفضحكم لأسلمت، ولكن