الخوارج من بعده الضحاك بن قيس هذا، فالتف أصحابه عليه، والتقى هو وجيش كثير فغلبت الخوارج وقتلوا خلقا كثيرا، منهم عاصم بن عمر بن عبد العزيز - أخو أمير العراق عبد الله بن عمر بن عبد العزيز - فرثاه بأشعار. ثم قصد الضحاك بطائفة من أصحابه مروان فاجتاز بالكوفة، فنهض إليه أهلها فكسرهم ودخل الكوفة فاستحوذ عليها، واستناب بها رجلا اسمه حسان، ثم استناب ملحان الشيباني في شعبان من هذه السنة، وسار هو في طلب عبد الله بن عمر بن عبد العزيز نائب العراق، فالتقوا فجرت بينهم حروب كثيرة يطول ذكرها وتفصيلها.
وفي هذه السنة اجتمعت جماعة من الدعاة إلى بني العباس عند إبراهيم بن محمد الامام ومعهم أبو مسلم الخراساني، فدفعوا إليه نفقات كثيرة، وأعطوه خمس أموالهم، ولم ينتظم لهم أمر في هذه السنة لكثرة الشرور المنتشرة، والفتن الواقعة بين الناس. وفي هذه السنة خرج بالكوفة [عبد الله بن] (1) معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فدعا إلى نفسه وخرج إلى محاربة أمير العراق عبد الله بن عمر بن عبد العزيز، فجرت بينهما حروب يطول ذكرها، ثم أجلاه عنها فلحق بالجبال فتغلب عليها.
وفي هذه السنة خرج الحارث بن سريج الذي كان لحق ببلاد الترك ومالاهم على المسلمين فمن الله عليه بالهداية ووفقه حتى خرج إلى بلاد الشام، وكان ذلك عن دعاء يزيد بن الوليد إلى الرجوع إلى الاسلام وأهله فأجابه إلى ذلك، وخرج إلى خراسان فأكرمه نصر بن سيار نائب سورة (2)، واستمر الحارث بن سريج على الدعوة إلى الكتاب والسنة وطاعة الامام، وعنده بعض المناوأة لنصر بن سيار.
قال الواقدي وأبو معشر: وحج بالناس في هذه السنة عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أمير الحجاز ومكة والمدينة والطائف، وأمير العراق نضر بن سعيد الحرشي، وقد خرج عليه الضحاك الحروري، وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز. وأمير خراسان نصر بن سيار، وقد خرج عليه الكرماني والحارث بن سريج. وممن توفي في هذه السنة:
بكر بن الأشج وسعد بن إبراهيم وعبد الله بن دينار وعبد الملك بن مالك الجزري وعمير بن هانئ ومالك بن دينار ووهب بن كيسان وأبو إسحاق السبيعي.
ثم دخلت سنة ثمان وعشرين ومائة فيها كان مقتل الحارث بن سريج، وكان سبب ذلك أن يزيد بن الوليد الناقص كان قد كتب إليه كتاب أمان، حتى خرج من بلاد الترك وصار إلى المسلمين ورجع عن موالاة المشركين إلى نصرة