قتلته اتبعتك. فاصطلحا على مخالفة مروان بن محمد أمير المؤمنين، فلما اجتاز الضحاك بالموصل كاتبه أهلها فمال إليهم فدخلها، وقتل نائبها (1) واستحوذ عليها، وبلغ ذلك مروان وهو محاصر حمص، ومشغول بأهلها وعدم مبايعتهم إياه، فكتب إلى ابنه عبد الله بن مروان - وكان الضحاك قد التف عليه مائة ألف وعشرون ألفا فحاصروا نصيبين - وساق مروان في طلبه فالتقيا هنالك (2)، فاقتتلا قتالا شديدا فقتل الضحاك في المعركة وحجز الليل بين الفريقين، وفقد أصحاب الضحاك الضحاك وشكوا في أمره حتى أخبرهم من رآه قد قتل، فبكوا عليه وناحوا، وجاء الخبر إلى مروان فبعث إلى المعركة بالمشاعل ومن يعرف مكانه بين القتلى، وجاء الخبر إلى مروان وهو مقتول، وفي رأسه ووجهه نحو من عشرين ضربة، فأمروا برأسه فطيف به في مدائن الجزيرة. واستخلف الضحاك على جيشه من بعده رجلا يقال له الخيبري (3)، فالتف عليه بقية جيش الضحاك، والتف مع الخيبري سليمان بن هشام بن عبد الملك وأهل بيته ومواليه، والجيش الذين كانوا قد بايعوه في السنة الماضية على الخلافة، وخلعوا مروان بن محمد عن الخلافة لأجله، فلما أصبحوا اقتتلوا مع مروان، فحمل الخيبري في أربعمائة من شجعان أصحابه على مروان، وهو في القلب، فكر منهزما واتبعوه حتى أخرجوه من الجيش، ودخلوا عسكره وجلس الخيبري على فرشه، هذا وميمنة مروان ثابتة وعليها ابنه عبد الله، وميسرته أيضا ثابتة وعليها إسحاق بن مسلم العقيلي. ولما رأى عبد الله العسكر فارين مع الخيبري، وأن الميمنة والميسرة من جهتهم باقيتان طمعوا فيه فأقبلوا إليه بعمد الخيام فقتلوه بها، وبلغ قتله مروان وقد سار عن الجيش نحوا من خمسة أميال أو ستة، فرجع مسرورا وانهزم أصحاب الضحاك، وقد ولوا عليهم شيبان (4)، فقصدهم مروان بعد ذلك بمكان يقال له الكراديس فهزمهم.
وفيها بعث مروان الحمار على إمارة العراق يزيد بن عمر بن هبيرة ليقاتل من بها من الخوارج.
وفي هذه السنة حج بالناس عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وهو نائب المدينة ومكة والطائف، وأمير العراق يزيد بن عمر بن هبيرة، وأمير خراسان نصر بن سيار.
وممن توفي في هذه السنة بكر بن سوادة وجابر الجعفي والجهم بن صفوان، مقتولا كما تقدم، والحارث بن سريج أحد كبراء الأمراء، وقد تقدم شئ من ترجمته، وعاصم بن عبدلة، وأبو حصين عثمان بن عاصم، ويزيد بن أبي حبيب، وأبو التياح يزيد بن حميد، وأبو حمزة النعنبعي، وأبو الزبير المكي وأبو عمران الجوني وأبو قبيل المغافري. وقد ذكرنا تراجمهم في التكميل.