في آخر رمضان خمسين ألفا.
وفي شوال انتخب صاحب الزنج من عسكره خمسة آلاف من شجعانهم وقوادهم، وأمر علي بن أبان المهلبي بالعبور لكبس عسكر الموفق فكان فيهم أكثر من مائتي قائد فعبروا ليلا واختفوا في آخر النخل وأمرهم إذا ظهر أصحابهم وقاتلوا الموفق من بين يديه ظهروا وحملوا على عسكره وهم غارون مشاغيل بحرب من أمامهم، فاستأمن منهم إنسان من الملاحين فأخبر الموفق فسير ابنه أبا العباس لقتالهم وضبط الطرق التي يسلكونها فقاتلوا قتالا شديدا وأسر أكثرهم وغرق منهم خلق كثير وقتل بعضهم ونجا بعضهم، فأمر أبو العباس أن يحمل الأسرى والرؤوس والسميريات ويعبر بهم على مدينة الخبيث ففعلوا ذلك.
وبلغ الموفق أن الخبيث قال لأصحابه إن الأسرى من المستأمنة وأن الرؤوس تمويه عليهم، فأمر بإلقاء الرؤوس في منجنيق إليهم، فلما رأوها عرفوها فأظهروا الجزع والبكاء وظهر لهم كذب الخبيث.
وفيها أمر الخبيث باتخاذ شذوات فعملت له فكانت له خمسون شذاة فقسمها بين ثلاثة من قواده وأمرهم بالتعرض لعسكر الموفق وكانت شذوات الموفق يومئذ قليلة لأنه لم يصل إليه ما أمر بعمله، والتي كانت عنده منها فرقها على أفواه الأنهار لقطع الميرة عن الخبيث، فخافهم أصحاب الموفق فورد عليهم شذوات كان الموفق أمر بعملها فسير ابنه أبا العباس ليوردها خوفا عليها من الزنج، فلما أقبل بها رآها الزنج فعارضوها بشذواتهم فقصدهم غلام لأبي العباس ليمنعهم وقاتلهم فانكشفوا بين يديه، وتبعهم حتى أدخلهم نهر أبي الخصيب وانقطع عن أصحابه فعطفوا عليه فأخذوه ومن