طهثا فأقام هنالك يومين.
ومطرت السماء مطرا شديدا فشغل عن القتال ثم ركب لينظر موضعا للحرب فانتهى إلى قريب من سور مدينة سليمان بطهثا وهي التي سماها المنصورة فتلقاه خلق كثير وخرج عليهم كمناء من مواضع شتى، واشتدت الحرب وترجل جماعة من الفرسان وقاتلوا حتى خرجوا عن المضيق الذي كانوا فيه وأسروا من غلمان الموفق جماعة.
ورمى أبو العباس بن الموفق أحمد بن هندي الحيامي بسهم خالط دماغه فسقط وحمل إلى العلوي صاحب الزنج فلم يلبث أن مات، فحضره الخبيث وصلى عليه وعظمت لديه المصيبة بموته إذ كان أعظم أصحابه عناء عنه.
وانصرف الموفق إلى عسكره وقت المغرب وأمر أصحابه بالتحارس ليلتهم والتأهب للحرب. فلما أصبحوا، وذلك يوم السبت لثلاث بقين من ربيع الآخر عبأ الموفق أصحابه وجعلهم كتائب يتلو بعضهم بعضا فرسانا ورجالة، وأمر بالشذا والسميريات أن يسار بها إلى النهر الذي يشق مدينة سليمان وهو النهر المعروف بنهر المنذر ورتب أصحابه في المواضع التي يخاف منها ثم نزل فصلى أربع ركعات وابتهل إلى الله تعالى في النصر، ثم لبس سلاحه وأمر ابنه أبا العباس أن يتقدم إلى السور فتقدم إليه فرأى خندقا فأحجم الناس عنه، فحرضهم قوادهم وترجلوا معهم فاقتحموه وعبروه وانتهوا إلى الزنج وهم على سورهم.