الخبر الأول من الثلاثة على أثر إيراد لحديث مكاتبة بندار بطريقه المشهوري الذي ذكرناه، وصورة إيراده له هكذا (عنه، عن علي بن مهزيار قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام - وذكر الحديث) وظاهر أن ضمير (عنه) يعود إلى محمد بن عبد الجبار لا إلى أبي علي الأشعري فيتحد الطريق.
ثم إنه أورد بعد ذلك المكاتبتين بصورة ما ذكرهما الشيخ، وغير مستبعد أن يكون إيراد الشيخ للأخبار الثلاثة من هناك فيكون قوله في أولها (علي بن مهزيار) بناء للاسناد على الطريق الذي قبله لا تعليقا له، ولولا أن البناء على الطرق السابقة قليل في إيراد الشيخ للأخبار لكان احتماله هنا ظاهر الرجحان ولكنه كثير فيه روايات المتقدمين علي الشيخ ويتفق له في بعض المواضع اقتفاء أثرهم فيه فيقوم به الاحتمال وذلك كاف في حصول الشك الذي أشرنا إليه، على أن في البين احتمالا آخر يكاد أن يوجب العلة فينافي أصل الصحة وذلك أن الكليني روى الخبر الأول من الثلاثة بطريق آخر وسطه بينه وبين المكاتبتين، وهذه صورته (محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار مثله (وهذا الطريق ضعيف وإيراد المكاتبة الأولى على أثره محتمل لأن يكون على وجه الربط لها به، والثانية تابعة لها، ويشهد لهذا الاحتمال رواية الشيخ للثانية في كتاب الصوم عن محمد بن يعقوب بهذا الطريق الصعيف كما علم ولم أقف على رواية الكليني له في غير هذا الموضع بعد تصفح.
واعلم أنه يوجد في كلام بعض الأصحاب القدح في المكاتبة الأولى باقتضائها مساواة يوم الجمعة ليومي العيدين في المنع من الصوم وقد أجمع الأصحاب على خلافه وأنت تعلم أن الإشارة فيها قابلة للتأويل ولكن فرض اتفاق اليوم النذور من الجمعة فيه يحتاج إلى مزيد تكلف ربما يقوى به احتمال كون مصحفا. وأورد على حديث مكاتبه بندار أيضا أنه تضمن وجوب الصوم في المرض إذا نوى ذلك في النذور ولم يقل له أحد، ويندفع بمثل ما قلناه قبل لجواز تخصيص الإشارة بالسفر.