الثاني: وإن سلمنا أن جميع ذلك مخلوق لله تعالى، فنحن لا ندعي ملازمة الحكمة لا فعاله مطلقا، حتى يطرد ذلك في كل مخلوق، بل إنما ندعي ذلك فيما يمكن مراعاة الحكمة فيه، وذلك ممكن فيما عدا أنواع الشرور والمعاصي (1)، ولا ندعي ذلك قطعا بل ظاهرا.
الثالث: وإن سلمنا لزوم الحكمة لأفعاله مطلقا، ولكن لا نسلم امتناع ذلك فيما ذكروه من الصور قطعا، لجواز أن يكون لازمها حكم لا يعلمها سوى الرب تعالى.
وبهذين الجوابين الأخيرين يكون جواب الشبهة الثانية.
وعن الثالثة أن وجود الفعل وإن قدر تحقق الحكمة، غير واجب، بل هو تبع لتعلق القدرة والإرادة به، ومع ذلك فالباري لا يكون مضطرا بل مختارا.
وعن الرابعة: أن المقصود حادث، ولكن لا يفتقر إلى مقصود آخر، فإنا إنما ندعي ذلك فيما هو ممكن، وافتقار المقصود إلى مقصود آخر غير ممكن لافضائه إلى التسلسل الممتنع، وإن كان مفتقرا إلى مقصود، فذلك المقصود هو نفسه لا غيره، فلا تسلسل.