الله تعالى، أو إلى العباد. ولا سبيل إلى الأول لتعاليه عن الضرر والانتفاع، ولأنه على خلاف الاجماع، فلم يبق سوى الثاني.
وأيضا فإن الاحكام مما جاء بها الرسول، فكانت رحمة للعالمين، لقوله تعالى:
* (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) * (الأنبياء: 107). فلو خلت الاحكام عن حكمة عائدة إلى العالمين ما كانت رحمة، بل نقمة، لكون التكليف بها محض تعب ونصب.
وأيضا قوله تعالى: * (ورحمتي وسعت كل شئ) * (الأعراف: 156) فلو كان شرع الاحكام في حق العباد لا لحكمة، لكانت نقمة لا رحمة، لما سبق، وأيضا قوله عليه السلام لا ضرر ولا ضرار في الاسلام (1) فلو كان التكليف بالأحكام لا لحكمة عائدة إلى العباد، لكان شرعها ضررا محضا، وكان ذلك بسبب الاسلام، وهو خلاف النص.
وإذا ثبت أن الاحكام إنما شرعت لمصالح العباد، فإذا رأينا حكما مشروعا مستلزما لأمر مصلحي، فلا يخلو إما أن يكون ذلك هو الغرض من شرع الحكم أو ما لم يظهر لنا، لا يمكن أن الغرض ما لم يظهر لنا، وإلا كان شرع الحكم تعبدا وهو خلاف الأصل، لما سبق تقريره. فلم يبق إلا أن يكون مشروعا لما ظهر،