الفصل الثاني في أن الشبه مع قران الحكم به دليل على كون الوصف علة وبيانه أنا إذا رأينا حكما ثابتا عقيب وصفين، وأحد الوصفين شبهي بالتفسير الأخير، والآخر طردي، فلا يخلو:
إما أن يكون الحكم ثابتا لمصلحة، أو لا لمصلحة، لا جائز أن يقال بالثاني إذ الحكم الشرعي لا يخلو عن مصلحة، وإن لم يكن ذلك بطريق الوجوب كما تقرر قبل (1)، فلم يبق غير الأول، وهو أنه ثابت لمصلحة وتلك المصلحة لا تخلو:
إما أن تكون في ضمن الوصف الشبهي، أو الطردي لعدم ما سواهما، ولا يخفى أن اشتمال الوصف الشبهي على المصلحة، أغلب على الظن من اشتمال الطردي عليها، لان الطردي مجزوم بنفي مناسبته، والشبهي متردد فيه على ما تقرر.
وإذا كان ذلك هو الغالب على الظن فالظن معمول به في الشرعيات على ما تقدم تقريره.
الفصل الثالث زعم بعض أصحابنا أن الشبهي إذا اعتبر جنسه في جنس الحكم دون اعتبار عينه في عينه، لا يكون حجة بخلاف الوصف المناسب، مصيرا منه إلى أن الشبهي إذا ظهر تأثير عينه في عين الحكم، فالظن المستفاد منه في أدنى درجات الظن، فإذا انحط عن هذه الرتبة إلى رتبة اعتبار الجنس في الجنس، فقد اضمحل الظن بالكلية، لأنه ليس تحت أدنى درجات الظن درجة سوى ما ليس بظن، وما ليس بمظنون، لا يكون حجة، وهذا بخلاف المناسب، فإن الظن المستفاد منه باعتبار العين في العين قوي جدا، فنزوله عن هذه الرتبة إلى رتبة اعتبار الجنس في الجنس، وإن فات معه ذلك الظن الغالب، فقد بقي له أصل الظن، فكان حجة.