ولا دل عليه نص ولا إجماع. وهذا أيضا من جنس المناسب الغريب المختلف فيه بين القياسين إلا أنه دون القسم الثاني، وذلك لان الظن الحاصل باعتبار الخصوص في الخصوص لكثرة ما به الاشتراك أقوى من الظن الحاصل من اعتبار العموم في العموم، وذلك كاعتبار جنس المشقة المشتركة بين الحائض والمسافر، في جنس التخفيف. فإن عين مشقة الحائض ليست عين مشقة المسافر، بل من جنسها، وعين التخفيف عن المسافر بإسقاط الركعتين الزائدتين ليس عين التخفيف عن الحائض بإسقاط أصل الصلاة بل من جنسها.
واعلم أن الوصف المعلل به، وكذلك الحكم المعلل له أجناس:
منها ما هو عال ليس فوقه ما هو أعلى منه.
ومنها ما هو قريب إليه، ليس بينه وبينه واسطة، ومنها ما هو متوسط بين الطرفين، إما على السواء، أو أنه إلى أحد الطرفين أقرب من الآخر.
فأما الجنس العالي للحكم الخاص، فكونه حكما، وأخص منه كونه وجوبا أو تحريما أو غير ذلك من الاحكام.
وأخص من الوجوب العبادة وغير العبادة. وأخص من العبادة الصلاة، وغير الصلاة وأخص من الصلاة الفرض والنفل.
وأما الجنس العالي للوصف الخاص فكونه وصفا تناط الاحكام به، وأخص منه كونه مناسبا بحيث يخرج منه الشبهي، وأخص منه المصلحة الضرورية.
وأخص منه حفظ النفس والعقل، وعلى هذا النحو فالظن في هذا القسم مما يزيد وينقص بسبب التفاوت فيما به الاشتراك، من الجنس العالي والسافل والمتوسط فيما كان الاشتراك فيه بالجنس السافل، فهو أغلب على الظن، وما كان الاشتراك فيه بالأعم، فهو أبعد، وما كان بالمتوسط، فمتوسط على الترتيب في الصعود والنزول.
القسم الرابع: المناسب الذي لم يشهد له أصل من أصول الشريعة بالاعتبار بطريق من الطرق المذكورة، ولا ظهر إلغاؤه في صورة، ويعبر عنه بالمناسب المرسل (1) وسيأتي الكلام عنه فيما بعد.