فإن قيل: لا يخلو إما أن يكون الباري تعالى قد علم استمرار أمره بالفعل المعين أبدا، أو إلى وقت معين، وعلم أنه لا يكون مأمورا بعد ذلك الوقت فإن كان الأول، استحال نسخه لما فيه من انقلاب علمه جهلا وإن كان الثاني، فالحكم يكون منتهيا بنفسه في ذلك الوقت، فلا يتصور بقاؤه بعده، وإلا لانقلب علم الباري جهلا، وإذا كان منتهيا بنفسه فالنسخ لا يكون مؤثرا فيه لا في حالة علم الله تعالى أنه يكون الفعل مأمورا فيها، ولا في حالة علم الله أنه لا يكون مأمورا فيها، لما فيه من انقلاب علمه إلى الجهل، وإذا لم يكن الناسخ مؤثرا فيه، فلا يتصور نسخه.
قلنا: الامر مطلق، والباري علم أن الامر بالفعل ينتهي بالناسخ في الوقت الذي علم أن النسخ يقع فيه، لا أنه علم انتهاءه إلى ذلك الوقت مطلقا، بل علم انتهاءه بالنسخ، فلو لم يكن منتهيا بالنسخ لانقلب علمه جهلا. وعلى هذا، فلا يلزم من انتهاء الامر في ذلك الوقت بالنسخ، أن لا يكون الامر منسوخا.