ولهذا، قال: كيف نقبل قول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت. وما نحن فيه ليس كذلك، فإن من ظهر إسلامه وسلامته من الفسق ظاهرا، فاحتمال صدقه لا محالة أظهر من احتمال كذبه.
وأما رد علي، عليه السلام، لخبر الأشجعي فإنما كان أيضا لعدم ظهور صدقه عنده. ولهذا، وصفه بكونه بوالا على عقبيه، أي غير محترز في أمور دينه.
ويجب أن يكون كذلك، وإلا كان مخالفا لقوله، صلى الله عليه وسلم نحن نحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر.
والمعتمد في المسألة أنا نقول: القول بوجوب قبول رواية مجهول الحال يستدعي دليلا. والأصل عدم ذلك الدليل. والمسألة اجتهادية ظنية. فكان ذلك كافيا فيها.
فإن قيل: بيان وجود الدليل من جهة النص، والاجماع، والمعقول:
أما النص فمن جهة الكتاب والسنة:
أما الكتاب، فقوله تعالى: * (إن جاءكم فاسق بنبأ فتثبتوا) * (49) الحجرات: 6) أمر بالتثبت مشروطا بالفسق، فما لم يظهر الفسق لا يجب التثبت فيه.
وأما السنة، فمن وجهين:
الأول قوله عليه السلام إنما أحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر وما نحن فيه فالظاهر من حاله الصدق، فكان داخلا تحت عموم الخبر.
الثاني أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما جاءه الأعرابي، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وشهد برؤية الهلال عنده، قبل شهادته، وأمر بالنداء بالصوم لما ثبت عنده إسلامه