قد وضعه بإزاء أمور ثلاثة على البدل، واحدها ذلك المجموع، فاستعمال اللفظ فيه وحده لا يكون استعمالا للفظ في جميع مفهوماته. وإن استعمله في إفادة المجموع والافراد على الجمع، فهو محال لان إفادة الجموع معناها أن الاكتفاء لا يحصل إلا به، وإفادته للمفرد معناها أنه يحصل الاكتفاء بكل واحد منها، وهو جمع بين النقيضين، وهو محال، فلا يكون اللفظ المشترك من حيث هو مشترك ممكن الاستعمال في إفادة مفهوماته جملة.
وأما على دليل الوقوع لغة، أما النص الأول، فقد قال الغزالي فيه إن لفظ الصلاة المطلق على صلاة الله تعالى والملائكة إنما هو باعتبار اشتراكهما في معنى العناية بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، إظهارا لشرفه وحرمته، فهو لفظ متواطئ لا مشترك، وكذلك لفظ السجود في الآية الأخرى، فإن مسماه إنما هو القدر المشترك من معنى الخضوع لله تعالى، والدخول تحت تسخيره وإرادته.
وقال أبو هاشم: وإن سلم اختلاف المسمى وإرادتهما بلفظ واحد، فلا يبعد أن يقال إن ذلك من قبيل ما نقلته الشريعة من الأسماء اللغوية إلى غير معانيها في اللغة.
فأما قول سيبويه، فإنه وإن دل على أن العرب وضعت قوله الويل لك للخبر والدعاء معا، فليس فيه ما يدل على أن كل الألفاظ المشتركة، أو الألفاظ التي هي حقيقة في شئ ومجاز في شئ، موضوعة للجمع. كيف وإن قول سيبويه لا يدل على كون ذلك القول مستعملا في الخبر والدعاء معا، بل جاز أن يكون موضوعا للخبر، وهو مستعمل في الدعاء مجازا، معا.
أجاب المثبتون عن الاعتراض الأول على الامكان بمنع أن المستعمل للفظة في حقيقتها ومجازها مريد لاستعمالها فيما وضعت له، ومريد للعدول بها عما وضعت له، بل هو مريد لما وضعت له حقيقة، ولما لم توضع له حقيقة.
وعن الثاني أن إضمار التشبيه وعدمه في الكلمة الواحدة إنما يمتنع بالنسبة إلى شئ واحد، وأما بالنسبة إلى شيئين فلا، كيف وإن ذلك لا يطرد في كل مجاز.