أما في إمكان إرادة الامرين باللفظ الواحد، فهو أنا لو قدرنا عدم التكلم بلفظ القرء، لم يمنع الجمع بين إرادة الاعتداد بالحيض وإرادة الاعتداد بالطهر، فوجود اللفظ لا يحيل ما كان جائزا وكذلك الكلام في إرادة الجمع بين الحقيقة والمجاز.
وأما بالنظر عند الوقوع لغة، فقوله تعالى: * (إن الله وملائكته يصلون على النبي) * (33) الأحزاب: 56) والصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار، وهما معنيان مختلفان، وقد أريدا بلفظ واحد. وأيضا قوله تعالى: * (ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات، ومن في الأرض، والشمس والقمر) * (22) الحج: 18:) إلى آخر الآية، وسجود الناس غير سجود غير الناس، وقد أريدا بلفظ واحد.
واحتجوا أيضا بأن سيبويه قال: قول القائل لغيره الويل لك خبر ودعاء، فقد جعله مع اتحاده مفيدا لكلا الامرين.
اعترض النافون، أما على إرادة إنكار الجمع بين المسميين فهو أن المتكلم إذا استعمل الكلمة الواحدة في حقيقتها ومجازها معا، كان مريدا لاستعمالها فيما وضعت له ومريدا للعدول بها عما وضعت له، وهو محال. وأيضا فإن المستعمل للكلمة فيما هي مجاز فيه، لا بد وأن يضمر فيها كاف التشبيه، والمستعمل لها في حقيقتها لا بد وأن لا يضمر فيها ذلك: والجمع بين الاضمار وعدمه في الكلمة الواحدة محال.
هذا ما يخص الاسم المجازي، وأما ما يخص الاسم المشترك فهو أن اللفظ المشترك موضوع في اللغة لاحد أمرين مختلفين على سبيل البدل، ولا يلزم من ذلك أن يكون موضوعا لهما على الجمع، إذ المغايرة بين المجموع وبين كل واحد من أفراده واقعة بالضرورة، والمساواة بينهما في جميع الأحكام، غير لازمة وعلى هذا، فلا يلزم من كون كل واحد من المفردين مسمى باسم تسمية المجموع به، وعند ذلك فالواضع إذا وضع لفظا لاحد مفهومين على سبيل البدل، فإن لم يكن قد وضعه لمجموعهما، فاستعماله في المجموع استعمال اللفظ في غير ما وضع له، وهو ممتنع. وإن كان قد وضعه له، فإما أن يستعمل اللفظ لإفادة المجموع وحده، أو لافادته مع إفادة الافراد.
فإن كان الأول لم يكن اللفظ مفيدا لاحد مفهوماته، لان الواضع إن كان