المسألة السابعة اختلف العلماء في اللفظ الواحد من متكلم واحد في وقت واحد إذا كان مشتركا بين معنيين، كالقرء للطهر، والحيض، أو حقيقة في أحدهما، مجازا في الآخر، كالنكاح المطلق على العقد، والوطئ ولم تكن الفائدة فيهما واحدة، هل يجوز أن يراد به كلا المعنيين معا، أو لا؟
فذهب الشافعي والقاضي أبو بكر وجماعة من أصحابنا وجماعة من مشايخ المعتزلة، كالجبائي والقاضي عبد الجبار وغيرهم، إلى جوازه، بشرط أن لا يمتنع الجمع بينهما، وذلك كاستعمال صيغة (افعل) في الامر بالشئ والتهديد عليه، غير أن مذهب الشافعي أنه مهما تجرد ذلك اللفظ عن القرينة الصارفة له إلى أحد معنييه، وجب حمله على المعنيين، ولا كذلك عند من جوز ذلك من مشايخ المعتزلة.
وذهب جماعة من أصحابنا وجماعة من المعتزلة، كأبي هاشم وأبي عبد الله البصري وغيرهما، إلى المنع من جواز ذلك مطلقا.
وفصل أبو الحسين البصري والغزالي، فقالا: يجوز ذلك بالنظر إلى الإرادة دون اللغة.
وعلى هذا النحو من الخلاف في اللفظ المفرد، اختلفوا في جمعه، كالأقراء التي هي جمع قرء، هل يجوز حمله على الحيض والأطهار معا، وسواء كان إثباتا، كما لو قيل للمرأة: اعتدي بالاقراء أو نفيا كما لو قيل لها: لا تعتدى بالاقراء. وذلك لان جمع الاسم يفيد جمع ما اقتضاه الاسم، فإن كان الاسم متناولا لمعنييه، كان الجمع كذلك، وإن كان لا يفيد سوى أحد المعنيين، فكذلك أيضا جمعه.
والحجاج فيه متفرع على الحجاج في المفرد. وربما قال بالتعميم في طرف النفي، كان فردا أو جمعا، بعض من قال بنفيه في طرف الاثبات، ولهذا قال أبو الحسين البصري: وفيه بعض الاشتباه، إذ يجوز أن يقال بنفي الاعتداد بالحيض والطهر معا.
والحق أن النفي لما اقتضاه الاثبات، فإن كان مقتضى الاثبات الجمع، فكذلك النفي، وإن كان مقتضاه أحد الامرين، فكذلك النفي. وإذ أتينا على بيان اختلاف المذاهب بالتفصيل، فلنعد إلى طرف الحجاج. وقد احتج القائلون بجواز التعميم.