والجواب عن الأول أن ذكر الأعم متى لا يكون مشعرا بالأخص، إذا كان ذلك في طرف الاثبات أو النفي؟ الأول مسلم، والثاني ممنوع.
ولهذا، فإنه لو قال القائل ما رأيت حيوانا وكان قد رأى إنسانا أو غيره من أنواع الحيوان، فإنه يعد كاذبا.
وعن الثاني، لا نسلم أنه لا يكفي في إطلاق لفظ المساواة التساوي من بعض الوجوه.
قولهم: لو كفى ذلك، لوجب إطلاق لفظ المتساويين على جميع الأشياء لما قرر، مسلم.
قولهم: يلزم من ذلك أن يكذب عليه غير المساوي، وهو باطل بما قرر. فهو مقابل بمثله، وهو أن يقال: لا يكفي في إطلاق نفي المساواة نفي المساواة من بعض الوجوه، وإلا لوجب إطلاق نفي المساواة على كل شيئين، لأنه ما من شيئين إلا وقد تفاوتا من وجه، ضرورة تعينهما، ولو صدق ذلك لوجب أن يكذب عليه المساوي لتناقضهما عرفا. ولهذا، فإن من قال هذا غير مساو لهذا فمن أراد تكذيبه قال إنه مساو له والمتناقضان لا يصدقان معا. ويلزم من ذلك أن لا يصدق على شيئين أنهما متساويان، وذلك باطل، فإنه ما من شيئين إلا ولا بد من استوائهما، ولو في نفي ما سواهما عنهما، فعلم أنه لا بد في اعتبار نفي المساواة من نفي المساواة من كل وجه. وعند ذلك فيكفي في إثبات المساواة المساواة من بعض الوجوه، لان نقيض الكلي السالب جزئي موجب. وفيه إبطال ما ذكر من عدم الاكتفاء في إطلاق لفظ المساواة بالمساواة من وجه. وإذا تقابل الأمران سلم لنا ما ذكرناه أولا.
وعن الثالث، لا نسلم صدق نفي المساواة مطلقا على ما وقع التساوي بينهما من وجه.
قولهم: الأصل في الاطلاق الحقيقة، قلنا: إلا أن يدل الدليل على مخالفته. ودليله ما ذكرناه. وفي معنى نفي المساواة قوله تعالى: * (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) *.