الثاني: أن خبر النبي، صلى الله عليه وسلم، قول تعبدنا باتباعه، فلا يجوز تبديله بغيره، كالقرآن وكلمات الاذان والتشهد والتكبير.
والجواب عن النص من وجهين:
الأول: القول بموجبه، وذلك لان من نقل معنى اللفظ من غير زيادة ولا نقصان يصح أن يقال أدى ما سمع كما سمع ولهذا، يقال لمن ترجم لغة إلى لغة، ولم يغير المعنى، أدى ما سمع كما سمع. ويدل على أن المراد من الخبر إنما هو نقل المعنى دون اللفظ ما ذكره من التعليل، وهو اختلاف الناس في الفقه، إذ هو المؤثر في اختلاف المعنى.
وأما الألفاظ التي لا يختلف اجتهاد الناس في قيام بعضها مقام بعض، فذلك مما يستوي فيه الفقيه والأفقه ومن ليس بفقيه، ولا يكون مؤثرا في تغيير المعنى.
الثاني: أن هذا الخبر بعينه يدل على جواز نقل الخبر بالمعنى دون اللفظ، وذلك لان الظاهر أن الخبر المروي حديث واحد، والأصل عدم تكرره من النبي صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك فقد روي بألفاظ مختلفة، فإنه قد روي نضر الله أمرا، ورحم الله امرأ، ورب حامل فقه غير فقيه وروي لا فقه له.
وعن المعنى الأول من المعقول أن الكلام إنما هو مفروض في نقل المعنى من غير زيادة ولا نقصان، حتى إنه لو ظهرت فيه الزيادة والنقصان لم يكن جائزا.
وعن الثاني بالفرق بين ما نحن فيه وما ذكروه من الأصول المقيس عليها.
أما القرآن فلان المقصود من ألفاظه الاعجاز، فتغييره مما يخرجه عن الاعجاز، فلا يجوز. ولا كذلك الخبر، فإن المقصود منه المعنى دون اللفظ. ولهذا، فإنه لا يجوز التقديم والتأخير في القرآن، وإن لم يختلف المعنى، كما لو قال بدل اسجدي اركعي، واركعي واسجدي. ولا كذلك في الخبر.
وأما كلمات الاذان والتشهد والتكبير، فالمقصود منها إنما هو التعبد بها. وذلك لا يحصل بمعناها، والمقصود من الخبر هو المعنى دون اللفظ. كيف وإنه ليس قياس الخبر على ما ذكروه أولى من قياسه على الشهادة حيث تجوز الشهادة على شهادة الغير مع اتحاد المعنى، وإن كان اللفظ مختلفا.