ومن هذا البيان أيضا ظهر معنى حكم العقل بشرطية القدرة في الخطابات بأن مرجع هذا الحكم إلى دخل تطبيقه في محركية الخطابات لا دخله بوجوده فيه بمضمونه. كيف؟ ولا يعقل دخله في صرف ابراز الاشتياق بحكم الوجدان ولا تكفل الخطاب لفعلية الإرادة البالغة إلى [محركيته] لعبده إذ هذه المرتبة من شؤون تطبيق العبد الأجنبي عن مضمون الخطاب كما عرفت والمفروض أيضا ان العقل لا يحكم بدخل القدرة في أزيد من هذه المرتبة.
نعم لازم دخلها في مرحلة التطبيق والمحركية دخلها بوجودها اللحاظي كسائر القيود في مضمون الخطاب.
وبذلك ربما يفرق بين القدرة والعلم مع أن كلاهما من مقومات التطبيق ومع ذلك مثل القدرة مأخوذة في مضمون الخطاب ولو بوجودها اللحاظي كسائر القيود الشرعية بخلاف العلم فإنه لم يكن مأخوذا في الخطاب ولو بوجوده اللحاظي ولا يحسب أيضا من قيود الخطاب بوجه أصلا.
وتوضيح وجه الفرق هو ان العلم بالخطاب لما كان في رتبة متأخرة عن الخطاب فيستحيل أخذه ولو في عالم اللحاظ في مضمون خطابه إذ يرى العلم بالخطاب خارجا عنه وطريقا إليه. وكيف يرى دخيلا فيه في لحاظه الطريق إلى الخارج بنحو لا يلتفت إلى ذهنيته؟ وهذا بخلاف نفس القدرة فإنها بملاحظة دخلها في وجود المرام إنما [كانت] في عرض سائر القيود، فلا قصور في أخذها بوجودها اللحاظي في مضمون الخطاب.
نعم للقدرة جهة فرق مع سائر القيود المأخوذة في الخطاب علاوة عن عدم دخلها في المصلحة دون سائر القيود الشرعية: ان الدليل على الدخل المزبور لما كان هو العقل المنفصل عن الخطاب فلا يوجب مثل هذا الدليل إلا رفع اليد عن حجية الخطاب في فعلية المحركية في ظرف تطبيقه.
وأما حجية الخطاب في ثبوت المصلحة حتى في حال العجز فلا قصور