في البين يوجب هذا الاشتياق تحريكا للحاكم بابراز اشتياقه بانشائه على وفق مرامه ومثل هذه الحركة كاشف عن مرتبة من إرادة المولى لوجود العمل وحفظه بمقدار استعداد انشائه وخطابه بلا كونه مريدا له من سائر الجهات.
ومن هذا المقام أيضا ينتزع مقام جعل الأحكام إذ لا نعني من جعل الأحكام التكليفية إلا مجرد ابراز اشتياقه الكاشف عن مرتبة من الإرادة المنتزع عن حملة نفس المشتاق إلى حفظ وجود المقصود ولو من ناحية مقدمة من مقدماته فلا جرم يصير مثل هذه الخطابات حاكيا عن مرتبة من فعلية الحكم المحفوظ في حق العالم والجاهل وهو أيضا بنفسه قابل للتحقق ولو كان منفكا عن مقام محركية عبده. ولذا يصلح أن [ينشئ] الأمر ويبرز اشتياقه منوطا بفرض وجود الموضوع ولحاظه بحدوده وقيوده بلا احتياج إلى وجوده خارجا أصلا.
ثم إن الغرض من الخطاب وابراز الاشتياق لما كان هو دعوة الخطاب لعبده فلا شبهة في أن شأن الخطابات ليس إلا مجرد صلاحيتها للدعوة وعدم قصور فيها من ناحيتها وإلا فمن البديهي ان الدعوة الفعلية [المساوقة] لمحركية الخطاب عقلا [منوطة] بتطبيق العبد جميع القيود المأخوذة في الخطاب حتى قيد القدرة المأخوذة فيه عقلا على المورد. ومن البديهي أن هذه المرحلة خارجة عن مضمون الخطاب ومتأخر عنه رتبة. وحينئذ فما هو مأخوذ فيه هي هذه الأمور بوجوداتها اللحاظية لا الخارجية كيف ووجودها خارجا إنما كان ضم العلم بها دخيلا في تطبيق الخطاب على المورد الخارج عن مضمونه وإلا ففي توجه اشتياق المولى نحو العمل المقيد بأي قيد لا يحتاج إلى وجودها خارجا بل يكفي مجرد وجودها في لحاظ المولى فلا يكون للوجودات الخارجية المزبورة مدخلية إلا في تحريك العبد المنوط بتطبيق العبد إياها على المحل ولقد عرفت أن هذه المرحلة خارجة عن مضمون الخطاب ومتأخرة عن مضمونه رتبة.
ومن هذا البيان ظهر أن دخل قيد القدرة أيضا في الخطابات نظير دخل