الحقيقية من جهة توهمه في أخذ حيثية المحركية الفعلية في مضمون الخطاب وعبر عنها بمرتبة الإرادة والايجاب غافلا عن أن هذه المرتبة من لوازم تطبيق العبد خطابه على المورد وبديهي أن مرحلة التطبيق المزبور أجنبي من مفاد الخطاب ومتأخر عنه رتبة كما هو واضح.
كما أن من توهم توقف فعلية الوجوب بوجود الشرط خارجا أيضا مبني على أخذ المحركية في مضمون الخطاب والا لو ترى - كما أشرنا سابقا - أيضا أن شان الخطاب ليس إلا بروز مجرد الاشتياق الملازم لمرتبة من الإرادة من الآمر المتعلق بحفظ وجود مرامه بصرف خطابه مع جعل مقدمات التطبيق في عهدة عبده لكان يصدق ان هذا المقدار لا يقتضي فعلية وجود الشرط أو الموضوع بقيوده خارجا بل شأنه ابراز الاشتياق المنوط بوجود الموضوع بحدوده وقيوده في لحاظه الطريق إلى خارجه فيكتفي بقوله * (لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * من دون احتياج مضمون الخطاب الحاصل فعلا إلى وجود مستطيع أو استطاعة وانما يحتاج إليه في مقام تطبيق العبد إياه على المورد.
وعليه فلب الواجبات ومضمون الخطابات ليس إلا إرادة المولى الموجب لابراز اشتياقه لمحض الدعوة بمبادئها في ظرف تطبيق العبد وهذه المرتبة من الإرادة تارة مطلقة حسب اطلاقه اشتياقه وأخرى منوطة بوجود موضوعه أو شرط من شروطه في لحاظ الآمر حسب إناطة اشتياقه بها وصالحة للمحركية في طرف تحقق مقدمات تطبيق المأمور هذه الكبريات على المورد بلا محركيتها للعبد فعلا.
ولعمري انه لا يكاد ينقضي تعجبي في أخذهم المحركية المزبورة في مضمون الخطاب وجعل الايجاب الذي هو مضمونه بزعمهم منوطا بوجود الموضوع والشرط خارجا بحيث يوجب فرض الموضوع فرض محموله، وأدخلوا مثل هذه الخطابات أيضا في القضايا الحقيقية مع أن مضامين الخطابات التكليفية