والارتباطات المعبر عنها بتقيدات المعاني الاسمية. وأما تعبيراتهم المزبورة (1) فإنما هي في مقام شرح اللفظ وصرف الإشارة إلى سنخ النسب الملازمة لهذه المعاني، وان دلالة الحروف عليها لمحض الملازمة لا أنها بنفسها مأخوذة في مفاهيم الحروف.
وأوهن من ذلك توهم انكار المعنى للحروف رأسا وجعل الحروف من قبيل الرفع الذي هو علامة الفاعلية، فالحروف أيضا علامة خصوصيات معاني [طرفيها] من [كونها] بنحو مخصوص بأحد انحاء التقيدات، ومثل بأن (في) علامة لكون الدار [موجودا] في الذهن بنحو الأينية. [لا كونه] بنحو العينية (2).
وتوضيح فساده: بأن الخصوصيات الزائدة عن ذات الطرف من أنحاء وجوده، خارجة عن مدلول لفظ الطرف ومحفوظة في الذهن [قائمة] بغيرها وحيث إن لفظ الطرف غير حاك عنها فيحتاج إلى مبرز آخر وحينئذ: فتارة يكون لفظ (من) قرينة على إرادة الخصوصية المزبورة من لفظ طرفه فيلزم كونه مجازا فيه، وإلا فما هو في [قبالها] هو هذه الكلمة (3) ولا نعني من معناها إلا هذا.
وأعجب من أصل المختار تمثيله بالرفع للفاعلية إذ جهة الفاعلية - وهو كونه طرف إضافة المادة صدورا [أو] قياما - أيضا جهة زائدة عن أصل المعنى، ومن المعلوم أن الدال عليه ولو بالملازمة لابد وأن يكون هيئة الكلام، فهي أيضا من حيث المعنى من سنخ الإضافات والارتباطات القائمة بالطرفين كما سيجئ توضيح ذلك في شرح مداليل الهيئة ان شاء الله تعالى.