وبالجملة نقول: إن ما هو طرف الترديد في المعاني الحرفية لدى المحققين الصورتان السابقتان، وبعد ذلك نقول: إن لازم المسلك الأول أن المعاني الحرفية آلة لملاحظة حال الغير، ولازم المسلك الثاني كون المعاني الحرفية بنفسها حالة للغير فالجمع بين كونها آلة وحالة لا يخلو عن خلط بين المسلكين (1).
وكيف كان الذي يقتضيه التحقيق اختيار المسلك الثاني، وذلك لا لما توهم من أن لازم المسلك الأول صحة استعمال (من) في مفهوم الابتداء وعكسه بعد الجزم بعدم نفوذ شرط الواضع لكيفية الاستعمال بعد الفراغ من وضعهما لمعنى واحد، للجزم (2) بخروج أنحاء اللحاظات الاستعمالية عن الموضوع له، لأنه يقال، إن كيفية الاستعمال وإن لم [تكن] شرطا من الواضع مع عدم وجه لنفوذ هذا الشرط ولكن نقول: إن غرض الواضع بعد تعلقه - في وضع الأسماء والحروف لسنخ واحد من المعنى - بتفهيم المخاطب كيفية لحاظ المعنى حين استعماله بنحو الاستقلال أو المرآتية فلا جرم يصير نحو استعماله بنحو مخصوص من أغراض الوضع على وجه لا يمكنه الأخذ في الموضوع له فلازمه قهرا ضيق دائرة الوضع والترخيص بمقدار ضيق غرضه فيصير حينئذ الموضوع له: المعنى في حال كونه مرآة لا بشرط المرآتية ولا لا بشرطه، كما أفاده المحقق القمي بالنسبة إلى حال الانفراد (3)، فكان ما نحن فيه من تلك الجهة حال الأوامر