في الأعيان كالنسب الموجبة لهيئة خارجية أو ذهنية في طرفيهما كالفوقية والتحتية [والمحاذاة] والتقابل وأمثالها، ولكن مع ذلك لا يقتضي ذلك نفي الواقعية لها، فلا مجال حينئذ للاستشهاد بعدم تغير الوجودات بمثل هذه النسب ذهنا وخارجا على كونها من الاعتباريات المحضة المنقطعة بانقطاع الاعتبار، كيف; وذلك يستلزم انعدامها واقعا بانعدام الاعتبار واللحاظ، والعقل يأبى عن الالتزام بانعدام الملازمة - ولو جعلية واقعا - بمحض الغفلة عن لحاظها أو اعتبار عدمها في مورد ثبوتها.
ولئن شئت توضيح المقام بأزيد من ذلك فاسمع: إن حقيقة الملازمة [تنتزع] من ملاحظة وجود شئ في ظرف وجود غيره ولو في فرضه الطريق إلى الخارج. كما أن مرجع اختصاص اللفظ بالمعنى في مقام الابراز أيضا إلى مبرزية اللفظ له في فرض وجوده كذلك، ومثل هذه الجهة من الأمور الواقعية كسائر القضايا الحقيقية المبنية على فرض وجود الموضوع في فرضه الطريق إلى واقعه لا بنحو الموضوعية وبذلك [تمتاز] أمثال هذه النسب والاختصاصات عن الأمور الاعتبارية المحضة المتقومة بحقائقها بنفس الاعتبار، كالوجودات الادعائية والتنزيلية حيث لا واقعية لها لولا اعتبار معتبر. ومن هذا الباب اعتبار وجود غول وأنيابه، ومنه أيضا النسب الحاصلة بين المفاهيم التحليلية المنتزعة عن وجود واحد حيث إن بانقطاع الاعتبار [تنعدم] مثل هذه النسب واقعا.
وبذلك أيضا أجابوا عن شبهة اعتبار إضافة أخرى بين الإضافة والمضاف على من التزم بوجود الإضافات في الخارج. وعمدة الوجه فيها هو أن في أمثال هذه الاعتبارات كان لحاظ المعتبر من وسائط ثبوتها لا طريقا إليها بخلاف ما ذكرنا من أنحاء الاختصاصات الجعلية، إذ هي كانحاء الملازمات الذاتية كان لحاظها مجددا طريقا إليها، لا من وسائط ثبوتها، ولقد أشرنا في أول الكتاب بأن حقيقة الفنون عبارة عن القواعد التي يتعلق بها العلم تارة والجهل