[ف] عينه له بلا شعوره [بالمناسبة] المسطورة، أو ان إلهامه تعالى إياه دعاه إلى وضع لفظ خاص لمعنى مخصوص لعلمه بمناسبة بينهما بلا وضعه تعالى له بل أوكل الوضع إلى مخلوقه بإلهامه لوضعه [له]. هذا غاية بيان لما يتوهم.
أقول: لا يخفى ان عمدة الذي دعاهم إلى الالتزام بما ذكر هو توهم احتياج تخصيص كل لفظ بمعناه إلى خصوصية وربط بينهما هو المرجح للتخصيص، وأظن أن الالتزام بذلك في جميع الإضافات والاختصاصات يوجب انكار المقارنات الاتفاقية بين الأشياء، إذ مقارنة الوجودين أو الموتين يستلزم [ربطا] بينهما حذرا من ترجيح اختصاص هذا الوجود بحال وجود الآخر دون غيره بلا مرجح، فلا بد وأن يكون لمرجح وربط بينهما، وهكذا الأمر في الموتين.
ورفع هذه الغائلة ليس إلا بدعوى إمكان تقارن الآجال و [تصرم] الاستعدادات للوجودات.
بل ويمكن في المقام دعوى كون المرجح خصوصية في نفس وضع اللفظ لمعناه لا بينهما. نظير ما قيل في الأحكام الوضعية (1) من كون الجعل لمصلحة في نفس الجعل بلا ربط بين متعلقي الجعل أبدا، كما أن الالتزام بكون علام الغيوب واضعا أيضا مستند إلى توهم كون [واضع جميع] الألفاظ لمعانيها شخصا واحدا محيطا بجميع الألفاظ بمعانيها. وهذا التوهم أيضا أوضح فسادا من الأول، إذ من الممكن إن من زمن آدم إلى زماننا في كل طبقة [أشخاصا] [عديدين] واضعين ألفاظا مخصوصة لمقدار من المعاني التي كانت محل ابتلائهم بحيث ينتهي أمر الواضعين بمرور الزمان إلى أشخاص غير محصورين [خارجين] عن تحت الضبط بحيث لم يقبل نقلهم في التواريخ ولا في [غيرها].