يسري إلى المعنى وبذلك تمتاز نسبة الألفاظ إلى معانيها عن نسبة العلامات إلى ذيها كالبيرق الموضوع علامة للحرب أو الخشبة الموضوعة علامة للفرسخ أو الدخان الذي هو علامة وجود النار، فان الالتفات إلى البيرق والخشب والدخان يلازم الالتفات إلى غيره لا عينه، بل و [لا تسري] صفات أحدهما - حسنا وقبحا - إلى الآخر كما يشهد له الوجدان السليم والذوق المستقيم.
بقي تتميم فيه تحقيق: وهو أن هذه العلقة والارتباط بعد تمامية جعلها وصحة منشأ اعتبارها وإن سميت من الأمور الاعتبارية في قبال مالها ما بإزاء في الأعيان من نحو هيئة قائمة بها ولكن لم [تكن] من الاعتبارات المحضة المتقومة بالاعتبار محضا بحيث تنعدم بانقطاعه بل كانت من الواقعيات التي كان الاعتبار طريقا إليها بحيث كانت قابلة لتعلق الالتفات إليها تارة والغفلة أخرى، ولها موطن ذهني وخارجي [نظير] الملازمات الذاتية بين الأشياء المحفوظة في عالم تقررها المخزونة في الذهن تارة وفي الخارج أخرى تبعا لوجود طرفيها خارجا وذهنا، فالعقل كما يرى في الذهن الملازمة بين الطبيعتين كذلك يرى في الخارج هذه الملازمة بين الموجودين في الخارج وهكذا نقول في العلقة المزبورة بأنها بين الطبيعتين [ذهنية] وبين الموجودين خارجا [خارجية]، ولا نعني من خارجية هذه الأمور إلا كونها بنفسها خارجية لا بوجودها، نظير نفس الوجود والعدم كما أن في الذهن أيضا كذلك، إذ واقع ما هو ملازمة واختصاص بالحمل الشايع غير مفهومهما. وما هو موجود في الذهن هو أمثال هذه المفاهيم لا مصداقها، فمصداقيتهما التي هي قائمة بالطرفين تبعا لنفس الطرفين بنفسها ذهنية بحيث لا يرى في الذهن وجود زائد عن الطرفين بشهادة أنه لو فرض رفع الملازمة مثلا عنهما [لا تتغير] صورتهما في الذهن عما هما عليه حين تلازمهما كما هو الشأن أيضا في وجودهما خارجا وبهذه الجهة نقول: إن مثل هذه العلائق [لا توجب] تغيرا في وجود [أطرافها] لا خارجا [و] لا ذهنا، وليست من الموجودات