ليس إلا احراز موضوع الحكم لا نفسه، لا بذاته ولا بكيفية تعلقه بموضوعه.
ومن هنا ظهر أيضا وجه خروج مسائل علم الرجال عن المسائل الأصولية لكونها أيضا كمبحث المشتق وسائر العلوم الأدبية واقعة في طريق استنباط الموضوع لا نفس الحكم ولا لكيفية تعلقه بموضوعه، بل شأنه اثبات موضوع الحكم محضا من كون السند موثوقا به كي [تشمله] أدلة التعبد به. مع إمكان أن يقال أيضا أن كثرة مسائله كانت بمثابة موجبة لانفرادها وجعلها علما مخصوصا مستقلا عن الأصول، وحينئذ تختص المباحث الأصولية بالبحث عن الحجية واحراز الدلالة لأصل الحكم أو لكيفية تعلقه بموضوع.
كما أن في المقام أيضا [اشكالا] آخر وهو: أن البحث عن قاعدة الطهارة في الشبهات الحكمية أيضا مع كونها واقعة في طريق استنباط الحكم الفرعي الكلي داخلة عندهم في القواعد الفقهية وخارجة عن المسائل الأصولية.
ولكن اعتذر عن ذلك أستاذنا الأعظم في كفايته بازدياد قيد آخر في المسألة الأصولية [هو] عدم اختصاصها بباب دون باب ولا يرد عليه قاعدة لا ضرر ولا حرج غير المختصة بباب، لأن ذلك لم يكن منتجا لحكم كلي الا في ظرف جريانهما في مقدار الفحص من الطرق أو في موارد التبعيض في الاحتياط في الشبهات الحكمية، فهذه القاعدة من حيث عدم اختصاصها بباب دون باب [لا تنتج] حكما كليا وانما انتاجها له أيضا من جهة خصوصية في المورد، فتدبر.
ثم إن من فحاوي ما تلوناه ظهر غاية هذا العلم من كونه الاستنباط المعهود بين الأعلام، كما أن تعريفه أيضا لابد وأن يجعل عبارة عن نفس القواعد المزبورة وحيث إن لتلك القواعد علاوة على واقعيتها وجودات علمية صح تعريفه ب (العلم بهذه القواعد) نظرا إلى أن العلم بشئ بعناية عين المعلوم، بل ولها أيضا وجودات كتبية، وبهذه العناية [تطلق] هذه الفنون على الصور المنقوشة، ولو لوحظ شغل الأصولي في استخراج قواعدها من مباديها [لناسب] تعريفه