بالتفكيك بين الإرادة الاستعمالية والجدية، لا أن مراده التفكيك بين الحكم الظاهري والواقعي في المراد من العام. ولعمري إن حمل ذلك الكلام على هذا لا يورث [لأهل] الشعور إلا تعجبا. فتدبر فيه.
وأما المقدمة الثانية ففيها: إن كون النسخ رفع الحكم الفعلي في غاية المتانة، وإنما الكلام في ميزان فعلية الحكم إذ قد حققنا سابقا أن الخطابات الواقعية يستحيل أن [تكون متكفلة] لفعلية الحكم المساوق لمحركية العبد فعلا إذ هذه المرتبة من شؤون تطبيق العبد مضمون الخطاب على المورد وهذا المعنى مأخوذ في رتبة متأخرة عن الخطاب ويستحيل أن يؤخذ في مضمونه فلا محيص من جعل مضمون الخطاب إبراز الاشتياق نحو الشئ المنوط بقيوده في لحاظ الآمر وإن وجودها خارجا من شؤون تطبيق العبد إياه على المورد وحينئذ فالخطاب بمضمونها ليس إلا مجرد الاشتياق في فرض تحقيق قيوده في لحاظه وان فعليتها ليس إلا بمحركية هذا الاشتياق للآمر بابرازه على عبده توطئة لتطبيقه على المورد فيتحرك من قبله.
ومن البديهي حينئذ انه لو كان المراد من النسخ رفع الحكم الفعلي فلا بد وأن يكون المقصود رفع مضمون الخطاب بماله من الفعلية المناسبة له، لا [الفعلية المناسبة] لتطبيق العبد مضمونه على مورده.
وحينئذ تصور النسخ في الموقتات والمشروطات قبل وقتها وشرطها بمكان من الامكان، بل ولابد وأن يكون النسخ في الاحكام طرا من هذا الباب حتى في ظرف وجود الشرط خارجا، إذ في هذا الظرف لا ينقلب مضمون الخطاب الصادر على المولى، إذ يستحيل شمول مضمونه ولو بترقيه مرتبة منوطة بمقام تطبيقه المتأخرة عنه رتبة. فما هو من شؤون التطبيق - وجد أم لم يوجد - أجنبي عن مضمون الخطاب ولا يوجب قلب مضمونه من مرتبة إلى [مرتبة] بل الخطاب بماله من المضمون محفوظ في مرتبة نفسه - وجد الشرط المزبور خارجا أم لم