يبقى للتعبد [بسنديهما] مجال، فعموم دليل التعبد بالسند في المقام أيضا يقتضي الحمل على التخصيص لا النسخ. أقول:
أولا: إن هذا الكلام إنما يتم في الخاص المتأخر لو قلنا بأنه ناسخ للعام بعمومه. وأما لو قلنا بنسخه لحكم خصوص هذا الفرد فيبقى دليل السند للعام المنسوخ بالنسبة إلى بقية أفراده باقيا بحاله من دون فرق في تلك الجهة بين ناسخية الخاص أو مخصصيته.
وثانيا: على فرض تسليم ناسخية الخاص لتمام العام أو فرض ناسخية العام المتأخر للخاص أيضا ما أفيد صحيح لو لم يكن للمنسوخ السابق أثر بلحاظ الزمان اللاحق كما لو فرض نسخ طهارة ماء توضأ به سابقا إذ حينئذ لا قصور لدليل المنسوخ أن يشمل فعلا بلحاظ الأثر [الذي هو] المحل للابتلاء فعلا وحينئذ لا يبقى مجال ترجيح التخصيص على [النسخ] بمناط ابقاء عموم دليل السند بالنسبة إليهما بحاله على المخصص دون النسخ.
والأولى في وجه الترجيح أن يقال: إنه بعد ما كان مرجع النسخ إلى التصرف في جهة الحكم كالتقية، إن النوبة إنما [تنتهي] إلى هذا التصرف في ظرف إحراز الجد بالمراد ومن المعلوم إن التصرف الدلالي موجب لشرح المراد على خلاف الظهور بملاحظة إجراء حكم القرينة على ما هو أقوى ظهورا، وحينئذ لا يبقى مجال للتصرف الجهتي لعدم وجود موضوعه، ومرجع ذلك إلى حكومة الجمع والتصرف الدلالي على التصرف الجهتي.
ولنا أيضا بيان آخر في وجه التقدم وهو: ان أصالة الظهور إنما [تجري] في الظهورات الصادرة لبيان الحكم الحقيقي الواقعي. فالأصول الجهتية [منقحة] موضوع الأصول اللفظية، ولازمه تقدم الأصول الجهتية على اللفظية رتبة وحينئذ [لا تصلح] الأصول اللفظية للمعارضة مع الأصل الجهتي. فلا مجال لرفع اليد عن الجهة باجراء الأصول اللفظية وإبقاء حجية الظهور [بحالها]، كيف و [لا تنتهي]