ثم مع الغض عنه وصرف النظر عن احتمال كون الغصب عبارة عن الفعل الشاغل - لا الاشغال -، إن هذا المقدار لا يفي لاثبات مدعاه من الجواز، لأن الصلاة حينئذ كانت مما به الاشتغال وبديهي ان حرمة الاشغال يسري إلى ما هو مقدمته ومعروضه حيث إنه بمنزلة العلة التامة له.
ولئن اغمض عن ذلك أيضا نقول:
إن وجه حرمة الفرد المزبور ليس منحصرا بعنوان الغصب، بل من المحرم عنوان التصرف في مال الغير، وبديهي أن التصرف المزبور عبارة عن القيام فيه والقعود وغيرهما فقهرا يتحد مثل هذا العنوان مع الصلاة حيثية ووجودا.
ومع الإغماض عنه أيضا نقول: إن من البديهي ان منافع كل أرض أو دار عبارة عن قيام فيه و [قعود]، وان ايجادها من الغاصب عبارة عن استيفائه [إياها] وهذه الاستيفاءات حيث كانت بلا إذن من السلطان عليها بنفسها كانت حراما على مستوفيها ولازمه حينئذ أيضا توجه الحرمة إلى عين قيامه وقعوده في المغصوب وهو الذي كان الأمر بالصلاة أيضا متوجها إليها.
وحينئذ لا يبقى مجال توهم في مثل هذا المثال المعروف بجعله من سنخ كبرى المقولتين، ولا من سنخ اختلاف كبرى الحيثيتين بتمام الحقيقة والمرتبة كي يصير التركب فيه انضماميا وجودا أو حيثية وجهة، وكون [الجهتين] فيهما [تقييديتين] بلا شركة بين العنوانين في جهة من الجهات وجودا أو مرتبة.
بل لا محيص من كونهما من مصاديق العنوانين الأخيرين من السابقة من حيث كونهما [مشتركتين] (1) في جهة من الجهات و [متحدتين] (2) في حيثية من الحيثيات وبهذه الملاحظة تكون الجهتان فيه [تعليليتين] ولو بملاحظة صيرورة الجهات