عدلان بنجاسة الثوب ولبسه في الصلاة لجهله بكونه طريقا في الشرع إلى ثبوت الحكم، فالحكم فيه هو ما ذكر من التفصيل في جاهل الحكم. فلو كان الفساد متفرعا على التحريم لم يحكم به في محل يحكم فيه بنفي التكليف، وإلا جرى عليه في تلك الصورة حكمه الوضعي من الصحة والفساد.
ويمكن أن يقال بالصحة فيما إذا كان جاهلا محضا بالطريق واتفق تخلف ذلك الطريق عن الواقع فكان العمل مصادفا لما هو الواقع - كما إذا شهد عنده عدلان بنجاسة الثوب وكان جاهلا كذلك باعتبار قولهما في الشرع فلبسه في الصلاة ثم تبين سهوهما - لم يبعد القول بالصحة وإن كان مخالفا للطريق المقرر.
وكذا الحال في نظائره لانتفاء التكليف عنه مع الغفلة ومصادفة العمل للواقع، كما أنه لو كان بالعكس كان عليه الإعادة والقضاء لو فرض ثبوته مع فوات الأداء، إلا ما قام الدليل على خلافه أو كان الفساد فيه ناشئا عن التحريم.
وإن كان جهله بالموضوع من غير جهة الجهل بالحكم: فإن كان غافلا بالمرة فلا تكليف بالنسبة إليه قطعا ولا إثم عليه، ولكن لا يثمر ذلك في صحة العمل، لكونه حكما وضعيا إلا فيما ترتب الفساد فيه على التحريم، كالصلاة في المكان أو الثوب المغصوبين بخلاف الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه أو شعره ونحوهما. وإن كان مترددا كان عليه الأخذ بالطريق المقرر شرعا في تعيين ذلك الموضوع، ويتفرع عليه الأحكام على طبق ذلك، ومع تخلف الطريق عن الواقع كان عليه مدار الإثم وعدمه دون الواقع، ويدور الحكم بالصحة أو الفساد مدار الواقع بالنسبة إلى غير العبادات، وكذا فيها بالنسبة إلى الحكم بالفساد. ولو انكشفت الموافقة لم يحكم فيها بالصحة من جهة النهي.
نعم ما تفرع فيه الفساد على العصيان لم يحكم به مع انتفائه. ولو لم يكن هناك طريق معين للتعيين وأمكن الاحتياط تعين عليه ذلك، كالصلاة في الثوبين المشتبهين وإلى الجهات الأربع، وإذا أتى بواحد منها فانكشف موافقتها للواقع سقط عنه إكمال الباقي وتبين صحة ما أتى به، لموافقته لما امر به القاضي بإجزائه فلا حاجة إلى إعادته.