بالوجوب، ولزوم الضيق والحرج الشديد بناء على وجوب الإعلام سيما مع تشتت المقلدين في البلدان، وظاهر السيرة المستمرة الجارية بين العلماء الأعلام لشيوع تجدد الآراء مع عدم تعرضهم للإعلام، مضافا إلى ما في ذلك من سقوط اعتماد العامة على اجتهاد المجتهدين وتنفر طباعهم عما يفتون به من أحكام الدين.
أقول وتوضيح الكلام في المرام مع خروج من خصوص المقام أن يقال: إن الرجوع عن الحكم إما أن يكون في الأحكام أو في الموضوعات، وعلى كل حال فإما أن يكون من المجتهد أو من المقلد - كما إذا حكى العدل فتوى المجتهد ثم تبين له فساد حكايته، أو شهد في خصوص واقعة ثم تبين له خلافه - ثم الرجوع إما أن يكون بقطعه بخلاف ما حكم به أو بظنه ذلك أو بتردده فيه، ثم إن ذلك إما أن يكون في المسائل القطعية التي لا تكون مورد الاجتهاد أو غيرها من المسائل الاجتهادية، وعلى كل حال فإما أن يعلم بأخذ الغير بقوله وجريه عليه بعد ذلك أو يعلم بعدمه أو لا يعلم شيئا منهما.
فنقول: إن الذي يقتضيه الأصل في جميع ذلك في صورة علمه بعمل الغير به هو وجوب الإعلام مع الإمكان، نظرا إلى أن إيقاع المكلف إلى ما يخالف الواقع علما أو ظنا إنما كان من جهته فلا بد من تنبيهه وإرجاعه عن ذلك. وجواز عمله به قبل علمه بالحال لا يقضي بجواز إبقائه على حاله، إذ المفروض كون جواز الجري عليه من جهة جهله بالحال وكونه معذورا من جهته لا لكونه هو المكلف به بحسب الواقع.
ألا ترى أنه لا مجال لإنكار وجوب الإعلام في كثير من صور المسألة، كما إذا شهد الشاهد عند الحاكم ثم تفطن أن الأمر على خلاف ما شهد به، وكذا الحال فيما إذا علم باشتباهه في حكاية قول المجتهد. وكذا لو علم المجتهد بفساد حكمه الأول سيما فيما يتعلق بأموال الناس. ولو تم ما ذكر لم يجب الإعلام في شئ من الصور المذكورة مع وضوح خلافه.