كلامهم الإطباق على جواز الجري على ذلك إلى أن يعلم رجوع المجتهد عنه.
نعم فرق بعض العامة في المقام فرجح وجوب تجديد السؤال عند تجدد الواقعة إذا علم استناد المجيب إلى الرأي والقياس أو شك فيه وكان المقلد حيا وقطع بعدم الوجوب في غيره، وهو وجه ضعيف مبني على أصولهم. وأيضا الظاهر إطباقهم على جواز حكاية المقلد فتاوى المجتهد لسائر المقلدين وجواز أخذهم بذلك مع وثاقة الواسطة ولو بعد طول المدة، ولا يتم ذلك إلا مع حجية ظنه بالنسبة إلى الوقائع المتأخرة، ويؤيده ما مر من لزوم العسر والحرج. والقول بالفرق بين نسيانه دليل المسألة وتذكره لها، مما لا يظهر له وجه يعتمد عليه كما عرفت. وكذا القول في التفصيل الآخر.
نعم لو كان الأمر بحيث يرتفع معه وثوق المجتهد بما أفتى به وأوجب تزلزله في المسألة فلا يبعد القول بوجوب تكرار النظر ليحصل الوثوق والاطمئنان، والظاهر جريان ذلك بالنسبة إلى فتواه الأول أيضا إذا تخلل فصل بينه وبين زمان الاجتهاد مع خروجه عن محل البحث على ما هو ظاهر عناوينهم.
والحاصل: أنه مع بقاء اطمئنان المجتهد بما ظنه ووثوقه بكونه مقتضى الأدلة الشرعية، لا ينبغي الإشكال في عدم وجوب تجديد النظر. وأما مع انتفاء وثوقه إما لعدم اعتماده على نظره السابق، أو لاحتمال عثوره على ما لم يعثر عليه أولا من المدارك - بحيث يضطرب ويتزلزل في كون ما أدركه هو مقتضى الأدلة - فلا يبعد حينئذ وجوب التجديد سيما إذا لم يبق له ظن بالحكم.
فإن قلنا بخروج هذه الصور عن محل البحث - بناء على النزاع فيما إذا بقي ظن المجتهد على الصفة التي يطلب حين الاجتهاد بأن يطمئن كون ذلك مقتضى الأدلة ويحس من نفسه العجز عن تحصيل غيره لو فرض كونه حكم الله بحسب الواقع - كان ذلك اختيارا لما هو المشهور وإلا كان تفصيلا آخر، ولا مانع من عدم العثور على من ذهب إليه، إذ لا إجماع على خلافه.
هذا وربما يتخرج على هذه المسألة الاجتهاد المتعلق بالموضوعات فهل