موافقة لهم لا تخالفهم إلا نادرا، وناهيك بذلك على تحقيق الحق من الطريقين.
ثم قال: وبالجملة فعدم جواز الاجتهاد في نفس الأحكام الشرعية وعدم جواز العمل بالاستنباطات الظنية كان معلوما من مذهب المتقدمين من الإمامية إلى زمان العلامة. بل كان معلوما عند العامة والخاصة أنه من اعتقادات الشيعة وقد نقلوه عن أئمتهم لتواتر النص بذلك عنهم، وهذا كما ترى يفيد دعوى إجماع الشيعة الكاشف عن قول الأئمة (عليهم السلام) على بطلان الاجتهاد في الأحكام الشرعية.
وقال في موضع آخر: إن القول بحجية ظن المجتهد على نفسه وعلى من يقلده مذهب العلامة والشهيدين والشيخ حسن والشيخ علي والشيخ بهاء الدين لا غير، وباقي علمائنا المتقدمين والمتأخرين على بطلان ذلك كله هذا.
وقد ذكر جملة من عبائر القدماء الموهمة لما ادعاه لا بأس بأن نشير إلى جملة منها ثم نتبعها بإيضاح فساد تلك الدعوى، فمن ذلك: ما ذكره الكليني في أول الكافي قال: والشرط من الله فيما استعبد به خلقه أن يؤدوا جميع فرائضه بعلم ويقين وبصيرة إلى أن قال: ومن أراد خذلانه وأن يكون إيمانه معارا مستودعا سبب له أسباب الاستحسان والتقليد والتأويل بغير علم وبصيرة.
وقال الصدوق في العلل بعد ذكر حديث موسى (عليه السلام) والخضر (عليه السلام): إن موسى مع كمال عقله وفضله ومحله من الله تعالى لم يدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر حتى اشتبه عليه وجه الأمر به، فإذا لم يجز لأنبياء الله تعالى ورسله القياس والاستدلال والاستخراج كان من دونهم من الأمم أولى بأن لا يجوز لهم ذلك. إلى أن قال: فإذا لم يصلح موسى (عليه السلام) للاختيار مع فضله ومحله فكيف!
تصلح الأمة لاختيار الإمام (عليه السلام)، وكيف! يصلحون لاستنباط الأحكام الشرعية واستخراجها بعقولهم الناقصة وآرائهم المتفاوتة.
وقال السيد في الذريعة: عندنا أن الاجتهاد باطل وأن الحق مدلول عليه، وأن من أخطأ غير معذور، وقد نص السيد هناك أيضا بأن الإمامية لا يجوز عندهم العمل بالظن ولا الرأي ولا القياس ولا الاجتهاد. وقال في الانتصار في أول كتاب