الاطمئنان حسب ما ذكر، وهو أيضا لا يوافق ظاهر الحد حيث اعتبر فيه بذل الوسع بالنسبة إلى خصوص الأحكام.
وعن الخامس: أن المطلوب عند المجتهد في المسائل الاجتهادية هو تحصيل الظن بالواقع، إذ هو القائم مقام العلم بعد انسداد بابه، غاية الأمر أنه مع عدم تحصيل الظن بالواقع وعجزه عن ذلك في مقام الاجتهاد يرجع إلى أدلة الفقاهة، فيندرج استفراغه المفروض في الحد المذكور لكونه في تحصيل الظن وإن لم يحصل له الظن، إذ لم يعتبر في الحد حصوله. فثمرة الاجتهاد فيما إذا حصل منه الظن بالحكم هو الأخذ به، وكونه مكلفا بالعمل بمؤداه، وفيما إذا عجز عن تحصيل الظن الرجوع إلى أدلة الفقاهة: من الحكم بأصالة البراءة والاحتياط ونحوهما.
فظهر بذلك: أن التوقف في المسألة لا ينافي الاجتهاد فيها كما توهمه بعضهم، كما سيجئ الإشارة إليه إن شاء الله ومنه يظهر الجواب عن السادس.
وأنت خبير بأن ذلك إنما يتجه في دفع هذا الإيراد.
وأما دفعه للرابع فيبتنى على اعتبار الترتيب المذكور بأن يكون الواجب أولا على المجتهد في المقام تحصيل الظن بالأحكام، ثم بعد العجز عنه ينتقل إلى ما يقتضيه أدلة الفقاهة، وهو في محل المنع، بل الظاهر أن اللازم عليه هو الرجوع إلى الأدلة الشرعية، وتحصيل ما يستفاد منها سواء أفادت الظن بالواقع أولا. وتقديم بعض الأدلة على بعض عند التعارض بينها لا يقضي بكون اللازم على المجتهد هو تحصيل تلك الأدلة في جميع الأحكام حتى يؤخذ بما يستفاد منها، إذ قد يعلم من أول الأمر عدم قيام شئ منها في بعض المسائل، فلا يمكن استفراغه الوسع في تحصيلها أصلا، مضافا إلى أن بعض الأدلة الاجتهادية قد لا يكون مفيدا للظن بالواقع أيضا - كما مرت الإشارة إليه - فلا يتم الجواب بوجوب بذل الفقيه وسعه في تحصيل الظن في كل مسألة.
وقد يقال في الجواب: إن الرجوع إلى أدلة الفقاهة أيضا إنما يفيد الظن في الغالب، لا بملاحظة الواقع، بل بالنظر إلى الحكم الذي يقتضيه الأدلة الموجودة،