الشرعية، وذلك بأن يعلم جملة وافية من الأحكام ويستنبط قدرا يعتد به من أبواب الفقه وإن لم يكن عالما بالفعل بخصوصيات جميع المسائل المدونة على سبيل الاستفراغ الحقيقي. وأما من سوى ذلك ففي كونه مكلفا معه بالرجوع إلى الأدلة الشرعية، أو إلى تقليد غيره تأمل واشكال، إلا أن إدراج جميع تلك الوجوه في التجزي غير ظاهر، والقدر المتيقن منه هو ما لو كان كل من القوة والفعلية ناقصة وإن كان الظاهر شموله لبعض الوجوه الاخر أيضا كما سيجئ الإشارة إليه إن شاء الله.
ثم إن الخلاف في مسألة التجزي يمكن أن يكون في مقامين:
أحدهما: أن يقع النزاع في إمكان حصول التجزي وعدمه، بأن يحصل للعالم ملكة الاجتهاد في بعض المسائل دون بعضها إن قرر النزاع في الملكة، أو بأن يستفرغ الوسع في تحصيل الظن ببعض المسائل دون بعضها إن اعتبر الخلاف بالنسبة إلى الفعلية.
ثانيهما: أن يقرر الخلاف في الحجية بعد تسليم أصل التجزي. وقد يتخيل في المقام عدم تعقل الخلاف في المقام الأول، لوضوح إمكان التبعيض في القوة، ضرورة اختلاف مسائل الفقه في الوضوح والغموض.
ومن البين أن ملكة استنباط الجميع لا تحصل دفعة بل على سبيل التدريج، إذ ملكة استنباط المسائل الظاهرة تحصل بأدنى ممارسة بخلاف الغامضة، ويلزم من ذلك إمكان تحصيل الظن ببعض المسائل دون البعض، فهو مع غاية وضوحه في نفسه، ظاهر بالبيان المذكور، كيف ولولا ذلك لما أمكن تحصيل الظن بشئ من المسائل، لتوقف تحصيل الظن بكل منهما على تحصيل الظن بالآخر، وهو دور ظاهر.
وأنت خبير: بأن شيئا مما ذكر لا ينافي وقوع الخلاف فيه، غاية الأمر أن يكون الخلاف فيه ضعيفا ساقطا، كيف وصريح كلام بعضهم وقضية بعض أدلتهم المذكورة في المسألة وقوع الخلاف في كلا المقامين. فقد نص بعضهم بأن الظاهر