المحرم، فإنه يسقط الواجب بالإتيان به على الوجه المفروض، ويصح الإتيان بالحج، فكذا في المقام فيكون الإتيان بالخصوصية المحرمة مسقطا للتكليف بإحدى الخصوصيات المحللة مما يتوقف عليها أداء الطبيعة، ويكون الطبيعة التي يتوصل بها إليها واجبة حسنة على نحو الحج في المثال المفروض.
قلت: أما ما ذكر من منع وجوب المقدمة فقد عرفت وهنه في محله، مضافا إلى منع كون الخصوصية مقدمة - كما سنشير إليه إن شاء الله - وأما ما ذكر: من اجتماع الواجب الغيري مع الحرمة وإنه ليس الوجوب هنا على حد غيره من أقسام الوجوب. فقد عرفت وهنه، كيف! والقائل بامتناع اجتماع الوجوب والحرمة إنما يقول بتنافي مطلق الوجوب والتحريم - كما هو مقتضى دليلهم - وحينئذ فلا فرق في ذلك بين أقسام الوجوب من الوجوب النفسي والغيري والأصلي والتبعي والعيني والتخييري وغيرها.
نعم هنا كلام بالنسبة إلى اجتماع الوجوب والتحريم الغيري - وسيجئ الإشارة إليه - وأما ما ذكر: من كون الحرام حينئذ مسقطا للواجب من غير أن تكون تلك الخصوصية واجبة أصلا.
ففيه أولا: ان الخصوصية متحدة مع الطبيعة بحسب الخارج، فكيف يعقل كون الخصوصية مقدمة لإيجادها بحسب الخارج مع وضوح قضاء التوقف بمغايرة المتوقف للمتوقف عليه في الخارج. وكون الوجوب في أحدهما نفسيا وفي الآخر غيريا فرع تغاير الموجودين دون ما إذا اتحدا - كما هو الحال في المقام - حسب ما فرض من اتحاد الطبيعتين في المصداق، فغاية الأمر مغايرة الخصوصية للماهية في التحليل العقلي وهو لا يقتضي كونها مقدمة لها في الخارج موصلة إليها، كيف!
والوصول إلى الخصوصية المفروضة عين الوصول إلى الطبيعة. فظهر بذلك أن دعوى التوقف الخارجي بينهما غير ظاهرة. وقضية اتحادهما في الوجود وجوب الخصوصية بوجوب الطبيعة في الخارج، ضرورة اتصاف المتحد مع الواجب بالوجوب، فكيف! يقال بعدم وجوب الخصوصية أصلا.