المصداق وهو لا يكون إلا مع اتحادهما في الوجود، إذ مع تعددهما وتميزهما بحسب الخارج كليا لا تكون النسبة بينهما إلا تباينا كليا لا عموما من وجه. كما هو المفروض في محل البحث.
فإن قلت: كيف يصح القول باتحادهما بحسب الوجود مع أن المفروض كون النسبة بين الكليين عموما من وجه وقد تقرر في محله استحالة اتحاد الكليين المفروضين بحسب الوجود ليؤول الأمر في تركيبهما إلى الوحدة الحقيقية، بل لا يمكن اتحاد الكليين بحسب الوجود إلا إذا كان بينهما عموم مطلق ليكون أحدهما جنسا والآخر فصلا، وأما غيرهما فهما متغايران بحسب الوجود عند التحقيق قطعا وإن اتحدا اتحادا عرضيا ويعدان بحسب العرف واحد، كما هو المفروض في محل البحث، فإن هذا الوجه من الاتحاد غير مانع من تعددها بحسب الواقع، وهو كاف في تغاير الموضوعين.
قلت: فيه أولا: أن ما ذكر إنما يتم بالنسبة إلى الماهيات المتأصلة في الخارج بحيث يكون ما يحاذيها موجودا في الخارج، وأما الأمور الاعتبارية المنتزعة من الوجود الخارجي مما لا يكون الموجود المتأصل في الخارج إلا ما ينتزع منها ويكون وجودها الخارجي بوجود ما ينتزع منها فلا نسلم ذلك، إذ يمكن اتحادها في الوجود الخارجي أيضا من جهة اتحاد وجود ما ينتزع منها، وحينئذ فيكون ذلك الوجود الواحد واجبا محرما من الجهتين المفروضتين فيهما.
وثانيا: بعد تسليم تعدد الأمرين المذكورين خارجا بحسب الواقع وتغايرهما في الوجود فلا شك في اتحادهما أيضا بحسب الواقع من وجه، ولذا يصح حمل أحدهما على الآخر ويكون النسبة بينهما عموما من وجه من تلك الجهة، فهناك جهة اتحاد بين الأمرين المذكورين وجهة مغايرة بينهما، والنسبة بين الكليين المفروضين بالملاحظة الأولى عموم من وجه، لتصادقهما على مصداق واحد، وبالاعتبار الثاني مباينة كلية فإن كان تعلق الحكمين المذكورين بهما بالملاحظة الثانية فلا مانع منه، وهو حينئذ خارج عن محل النزاع، إذ ليس حينئذ بين مورد